الصديق على حضوره صلى الله عليه وسلم، فأرشدهم، صلاة الله وسلامه عليه، إلى أنه كان حقهم عند هذا النائب التسبيح.

وعند أبي حنيفة لو حمد العاطس في نفسه من غير تحريك اللسان لم تفسد صلاته، ولو حرك فسدت. وإذا فتح على إمامه لم تفسد، وعلى غير إمامه فسدت، وهذا الأخير موافق لمذهب مالك، إلا أن المالكية يقولون من هو معه في الصلاة، سواء كان إمامًا أو مأمومًا على قول، والمشهور اختصاص الفتح بالإمام والحامد لعُطَاس أو بشارة، والمسترجع لمصيبة، صلاته صحيحة. وقوله: مكروه، على المشهور، والتسبيح واجب عند خوف وقوع أعمى في بئر أو نحو ذلك.

وعند المالكية كل ذكر من قرآن أو غيره، إذا قصد التفهيم به في محله، كأنْ يرفع صوته بقوله {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] عند قراءة ذلك لم تبطل صلاته، وإذا قصد التفيهم به في غير محله بطلت، ولو خالف الرجل المشروع في حقه وصفق لم تبطل صلاته, لأن الصحابة صفقوا في صلاتهم ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإعادة، لكن ينبغي أن يقيد بالقليل، فلو فعل ذلك ثلاث مرات متواليات بطلت صلاته, لأنه ليس مأذونا فيه، قاله القَسْطَلانيّ، وعند المالكية البُطلان يجري على ما مرَّ في حديث إمامه من تحديد العمل المبطل بما يخيل للناظر إعراضه عن الصلاة.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام "مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ " مع كونه لم يأمرهم بالإعادة، فلأنهم لم يكونوا علموا امتناعه، وقد لا يكون حينئذ ممتنعًا، أو أراد إكثار التصفيق من مجموعهم، ولا يضر ذلك إذا كان كل واحد منهم لم يفعله ثلاثًا، وعند مالك أن التسبيح عام للرجال والنساء, لأن كلمة "مَن" في الحديث تقع على الذكور والإناث، ومذهب الشافعيّ والأوزاعيّ تخصيص النساء بالتصفيق، وهو ظاهر الحديث، وكان منع النساء من التسبيح على هذا، لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقًا، لما يخشى من الافتتان، ومنع الرجال من التصفيق, لأنه من شأن النساء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015