وهو كونه رقيق القلب كثير البكاء، فخشي أن لا يسمع الناس، ويحتمل أن يكون رضي الله تعالى عنه فهم من الإمامة الصغرى الإمامة العظمى، وعلم ما في تحملها من الخطر، وعلم قوة عمر على ذلك، فاختاره. ويؤيده أنه عند البيعة أشار عليهم أن يبايعوه أو يبايعوا أبا عُبَيدة بن الجَرّاح، والظاهر أنه لم يطلع على المراجعة المتقدمة، وفهم من الأمر له بذلك تفويض الأمر له في ذلك، سواء باشر بنفسه أو استخلف. قال القُرْطبي: ويستفاد منه أن للمستخلَف في الصلاة أن يستخلِف، ولا يتوقف على إذن خاص له في ذلك.
وقوله: فصلى، في رواية المُسْتَملِي والسَّرْخَسِيّ "صلي" وظاهره أنه يشرع في الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد أنه تهيأ للدخول فيها، ويأتي في رواية أبي معاوية الآتية في باب "الرجل يأتم بالإمام" بلفظ "فلما دخل في الصلاة" وهو محتمل أيضًا بأن يكون المراد دخل في مكان الصلاة، وحمله بعضهم على ظاهره، وقوله: فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، ظاهره أنه صلى الله تعالى عليه وسلم وجد ذلك في تلك الصلاة بعينها، ويحتمل أن يكون ذلك بعد ذلك، وأن يكون فيه حذف كما تقدم مثله في قوله "فخرج أبو بكر" وأوضح منه رواية موسى بن أبي عائشة الآتية "فصلّى أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجد من نفسه خفة" وعلى هذا لا يتعين أن تكون الصلاة المذكورة هي العِشاء، وقد مرَّ قريبًا ما قيل في تعيينها.
وقوله: يُهادَى، بضم أوله وفتح الدال، أي يعتمد على الرجلين، إلى آخر ما مرَّ في باب الغسل والوضوء من المخضب. وقوله: فأراد أبو بكر، زاد أبو مُعاوية "فلما سمع أبو بكر حسّه". وفي رواية أرقم بن شُرحبيل عن ابن عباس "فلما أحس الناس به سبحوا" أخرجه ابن ماجه وغيره بإسناد حسن، وقوله: أنْ مكانك، في رواية عاصم أن أثبتْ مكانك، وفي رواية بن أبي عائشة "فأومأ إليه بأن لا يتأخر".
وقوله: ثم، أتي به، كذا هنا بضم الهمزة، وفي رواية ابن أبي عائشة أن ذلك كان بأمره ولفظه. فقال "أجلساني إلى جنبه، فأجلساه" وعين أبو معاوية في