الصلاة، وأنه أراد أن يتهيأ للخروج إليها فأغمي عليه.
وقوله: مُرُوا أبا بكر فليصل بالناس، استدل به على أن الأمر بالأمر بالشيء يكون أمرًا به، وهي مسألة معروفة في أصول الفقه، وأجاب المانعون بأن المعنى: بلغوا أبا بكرًا أني أمرته، وفصل النزاع أن النافي إن أراد أنه ليس أمرًا حقيقة فمسلم؛ لأنه ليس فيه صيغة أمر للثاني، وإن أراد أنه لا يستلزمه فمردود. قلت: محل الخلاف عند أهل الأصول إنما هو حيث لم تقم قرينة على أنه آمر للثالث، وإلا فهو آمر له اتفاقًا كما في حديث ابن عمر في الصحيحين "مره فليراجعها". فقوله: فليراجعها قرينة على أنه آمر له. وكما في هذا الحديث "فليصل بالناس" فإنه قرينة على أنه آمر له.
وقوله: فقيل له، قائل ذلك عائشة كما يأتي، وقوله: أسِيف، بوزن فعيل، وهو بمعنى فاعل من الأسف، وهو شدة الحزن، والمراد أنه رقيق القلب. ولابن حِبان عن عاصم عن عائشة في هذا الحديث، قال عاصم: والأسِيف الرقيق الرحيم، وسيأتي في حديث ابن عمر في هذه القصة بعد ستة أبواب "فقالت له عائشة إنه رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء" ومن رواية مالك عنها قالت عائشة: "إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر".
وقوله: فأعادوا له، أي من كان في البيت، والمخاطب بذلك عائشة كما ترى، لكن جمع لأنهم كانوا في مقام الموافقين لها على ذلك. وفي رواية أبي موسى بالإفراد "فعادت" ولابن عمر "فعاودته". وقوله: إنكنّ صواحب يوسف فيه حذف بينه مالك في روايته المذكورة، وأن المخاطب له حينئذ حَفصة بنت عمر بأمر عائشة، وفيه أيضًا "فمر عمر" فقال "مه إنكن لأنتن صواحب يوسف" وصواحب جمع صاحبة، والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، ثم إن هذا الخطاب، وإن كان بلفظ الجمع، فالمراد به واحدة، وهي عائشة فقط. كما أن صواحب جمع والمراد به زَلِيخا فقط. ووجه المناسبة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة، ومرادها زيادة على ذلك، وهي أن ينظرن إلى حسن يوسف، ويعذرنها في