وبفرض المشهور كوامل فيصح قول الجمهور، ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم لاثنتي عشرة، فإنهم لا يفهمون منها إلا مضي الليالي، ويكون ما أرخ بذلك واقعًا في اليوم الثاني عشر.
وقوله: فحضرت الصلاة، وقيل هي العشاء لما في رواية موسى بن أبي عائشة الآتية في باب "إنما جعل الإِمام ليؤتم به" من قول عائشة "ينتظرون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصلاة العشاء الآخرة". وقيل: هي الظهر، لما في الحديث المذكور "فخرج بين رجلين أحدهما العباس، لصلاة الظهر" وقيل: إنها الصبح، واستدل هذا القائل بما في رواية أرْقَم بن شُرَحبيل عن ابن عباس "وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القراءة من حيث بلغ أبو بكر" هذا لفظ ابن ماجَهْ، وإسناده حسن، لكن في الاستدلال به نظر، لاحتمال أن يكون عليه الصلاة والسلام لما قرب من أبي بكر سمع الآية التي كان انتهى إليها خاصة، وقد كان هو -صلى الله عليه وسلم- يسمع الآية أحيانًا في السرية، كما يأتي عن أبي قتادة، ثم لو سلم لم يكن فيه دليل على أنها الصبح، بل يحتمل أن تكون المغرب، فقد ثبت في الصحيحين عن أم الفضل بنت الحارث قالت "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفًا، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله" هذا لفظ البُخاريّ في آخر المَغازي، لكن في النَّسائيّ أن هذه الصلاة التي ذكرتها أم الفضل كانت في بيته. قلت: كونها في بيته يبعده قولها في الحديث، ثم ما صلى لنا بعدها لأن صلاته في بيته لا يقال فيها صلى لنا.
وقد صرح الشافعي بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يصل بالناس في مرض موته في المسجد إلا مرة واحدة، وهي هذه التي صلى فيها قاعدًا، وكان أبو بكر فيها أولًا إمامًا، ثم صار مأمومًا يُسْمع التكبير. وقوله: فأُذِّن، بضم الهمزة على البناء للمفعول، وفي رواية الأصيليّ "وأذِّن" بالواو، وهو أوجه، والمراد به أذان الصلاة، ويحتمل أن يكون معناه أعلم، ويقويه رواية أبي معاوية الآتية في باب "الرجل يأتم بالإمام" ولفظه "جاء بلال يؤذنه بالصلاة" واستفيد منه تسمية المبهم، وسيأتي في رواية ابن أبي عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم بدأ بالسؤال عن حضور وقت