خمسة كاملة لا أربعة. قال عليّ الأجهوريّ ناظمًا لكلامهم:
لا يتوالى النقضُ في أكثر من ... ثلاثة من الشهور يا فطن
كذا توالى خمسة مكمله ... هذا الصواب وسواه أبطله
وما نظمه لا عبرة به شرعًا.
وجزم سُليمان التَّيْمِي أحد الثقات بأن ابتداء مرضه -صلى الله عليه وسلم- كان يوم السبت، الثاني والعشرين من صفر، ومات يوم الاثنين، لليلتين خلتا من ربيع الأول، وعلى هذا كان صفر ناقصًا، ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت، إلا إن كان ذو الحجة والمحرم ناقصين، فيلزم منه نقص ثلاثة أشهر متوالية، وأما على قول من قال: مات أول يوم من ربيع الأول، فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملًا، ولهذا رجحه السُّهَيْليّ.
قلت: الذي مرَّ أن السُّهَيْليّ رجحه هو الثاني لا الأول، وفي المغازي لأبي مَعْشَر عن محمد بن قَيْس قال: "اشتكى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم الأربعاء لإحدى عشرة مضت من صفر" وهذا موافق لقول سُلَيمان التَّيميّ، المقتضي لأن أول صفر كان السبت. وأما ما رواه ابن سعد عن عمر بن عَلِيّ بن أبي طالب قال "اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر، فاشتكى ثلاث عشرة ليلة، ومات يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول" فيرد على هذا الإشكال المتقدم، وكيف يصح أن يكون أول صفر الأحد فيكون تاسع عشرينه الأربعاء، والفرض أن ذا الحجة أوله الخميس، فلو فرض هو والمحرم كاملين، لكان أول صفر الإثنين، فكيف يتأخر إلى يوم الأربعاء؟ فالمعتمد ما قال أبو مخيف فيما مرَّ عنه، أنه ثاني ربيع الأول. وكان سبب غلط غيره أنهم قالوا: مات في ثاني شهر ربيع الأول، فتغيرت فصارت ثاني عشر، واستمر الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضًا من غير تأمل.
وقد أجاب القاضي بدر الدين بن جمَاعة بجواب آخر فقال: يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت، أي بأيامها، فيكون موته في الثالث عشر،