إنما أراد تجديد الإِيمان، لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضًا، ثم يكون أبدًا مجددًا كلما نَظَر أو فكر. قال في "الفتح": وما نَفَاه أوّلا، أثبته آخرًا، لأن تجديد الإِيمان إيمان، أي: فيكون زيادةً في الإِيمان الأصلي.
وفي الأثر إبهام المأمور بالجلوس، وهو الأسْوَدُ بن هِلال كما يأتي قريبًا، وهُو المُحَاربي الكُوفي أبو سلام، ذكره البارودي وجماعة ممن ألف في الصحابة لإِدراكه، وقال ابن سعد عن الأسود: هاجرت زَمَنَ عُمر فذكر قصة ذكرها ابن حِبّان، وقال أحمد: ما علمت إلَّا خيرًا، وقال ابن مَعِين والنَّسائي: ثقة، وقال العِجْلِيّ: كان جاهليًّا، وكان رجلًا من أصحاب عبد الله. روى عن معاذ بن جَبَل، وعمر وابن مسعود، وغيرهم. وروى عنه أشْعَثُ بن أبي الشَّعْثَاء، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وإبراهيم النَّخَعِيُّ، وغيرهم. مات زمن الحجّاج بعد الجَمَاجِم، قيل: سنة أربع وثمانين.
وهذا التعليق وصله أحمد، وأبو بكر أيضًا بسند صحيح إلى الأسود ابن هِلال، قال: قال لي معاذٌ .. الخ.
ومعاذ: هو مُعَاذ بن جَبَل بن عَمرو بن أوْس بن عائِد بن عَدِيّ بن كَعب ابن عمرو بن أدي بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جُشَم بن عَدِيّ ابن بابي بن تميم بن كعب بن سَلَمَة، أبو عبد الرحمن الأنصاري الخَزْرَجي، الإِمام المقدم في علم الحلال والحرام.
قال الواقِديّ وغيره: كان معاذ بن جبل طُوَالًا، حسن الشَّعر أكحل العينين، أبيض، بَرَّاقَ الثَّنايا لم يولد له قَطُّ، وقيل: إنه وُلد له ولدٌ يُسَمى عبد الرحمن، وإنه قاتل معه يوم اليَرْموك، وبه كان يُكْنى أبا عبد الرحمن، وهو أحد السبعين الذين شَهِدوا العقبة من الأنصار، وآخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين عبد الله بن مَسْعود، وقيل آخى بينه وبين جَعْفر بن أبي طالب، شَهِد العقبة، وبدرًا، والمشاهد كلَّها.
وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاضيًا إلى الجَنَد من اليمن، يُعَلِّم الناس شرائع الإِسلام، ويقضي، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين