أي: ليزداد بصيرة وسُكونًا بمُضامَّةِ العيان إلى الوحي والاستدلال، فإن عَيْن اليقين فيه طُمَأنينة ليست في علم اليقين، ففيه دِلالة على قَبُول التصديق اليقيني للزيادة، وعند ابن جَرير بسند صحيح إلى سعيد بن جُبَير أي: يزداد يقيني، وعن مُجَاهد: لأزداد إيمانا إلى إيماني، وإذا ثبت ذلك عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أن نبينا عليه الصلاة والسلام قد أُمِر باتّباع مِلّتِه كان كأنه ثبت عن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم، وإنما فصل المصنف بين هذه الآية وبين الآيات التي قبلها لأن الدليل يؤخذ من تلك بالنص، ومن هذه بالإِشارة، وإبراهيم أحد أولي العزم، ومنه جميع الأنبياء ما عدا ثمانية، يجمعهم قولُ القائل:
وعَنْه حاد آدمٌ شيثُ الوَصي ... إدريسُ نوحٌ هودُ يونُسٌ يَصِي
لُوطٌ وصَالِحٌ فذي ثمانُ ... حَادُوا عن الخَلِيلِ واسْتَبَانوا
وهو ابن آزَرَ، وآزَرُ هو تارح بفتح الراء المهملة، وفي آخره حاء مهملة، فآزَرُ اسم، وتارَح لقبٌ له، وقيل: عكسه، قال ابن هشام: هو إبراهيم بن تارَح وهو آزرُ بن ناحُور بن أسْرَع بن أرْغُو بن فَالح بن شَالخْ بن أرْفَخَشْد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أحنج بن يرد بن مهلاييل ابن قاني بن فانوش بن شِيْت بن آدم عليه السلام، ولا خلاف عندهم في عدد هذه الأسماء وسردها على ما ذكرنا، وإن اختلفوا في ضبْطها، وإبراهيم اسم عِبْرانيّ، معناه: أبٌ رَحيم، وكان آزَرُ من أهل حَرّان، ووَلَدَ إبراهيم بكوثا من أرض العراق، وكان يَتَّجِرُ في البَزِّ، وهاجر من أرض العراق إلى الشام، وبلغ عمره مئة وخمسًا وسبعين سنة، وقيل مئتي سنة، ودُفن بالأرض المقدسة، وقبرُه معروفٌ بقرية حَبْرون بالحاء المهملة، وهي التي تسمى اليوم ببلدة الخليل.
الأَثر الثاني: وقال مُعاذ: اجْلِس بِنا نْؤمِن ساعةً. أي نزداد إيمانا بذكر الله، لأن معاذًا كان مؤمنًا، أيَّ مُؤمن.
وقال النَّووي معناه: نتذاكر الخير، وأحكام الآخرة، وأمور الدين، فإن ذلك إيمان. وقال أبو بكر بن العَرَبي: لا تَعَلُّق فيه للزيادة، لأن معاذًا