تعالى عنها - كما رواه مسلم وغيره: "أُمِرُوا أن يَسْتَغْفِروا لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَبُّوهُم" وفائدة الاستغفار لهم عائد على المستغفر، قال سَهْل بن عبد الله التُّسْتَريُّ: "لم يؤمن بالرسول - صلى الله عليه وسلم - من لم يوقر أصحابه، ولم يعز أصحابه".
وقد مرت الأحاديث الواردة في النهي عن سبهم، والتعرض لهم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - كما رواه الخِلَعِيُّ: "أيَّها الناس احفَظُوني في أختاني وأصهاري وأصحابي، لا يطالِبَنَّكُمُ الله بمظْلِمة أحد منهم، فإنها ليست مما يُوهب".
وقال عليه الصلاة والسلام، كما رواه الترمذي وابن حبان في "صحيحه": "اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تَتَّخِذوهم غَرَضًا من بعدي، من أحبَّهُم فقد أحبَّني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشكُ أن يأخذه الله". والغرض: الهدف الذي يرمى فيه؛ فهو نهي عن رميهم، مؤكدًا ذلك بتحذيرهم الله منه، وما ذلك إلا لشدة الحرمة.
قال العلماء: في هذا الحديث إشارة إلى أن حبهم من الِإيمان، وبغضهم كفر، لأنه إذا كان بغضهم بغضًا له، كان كفرًا بلا نزاع، لحديث: "لَنْ يُؤمنَ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من نفسهِ". وهذا دالٌّ على كمال قربهم منه، بتنزيلهم منزلة نفسه، حتى كأن أذاهم واقع عليه، وواصل إليه - صلى الله عليه وسلم - وقد قال مالك بن أنس وغيره فيما ذكره القاضي عِياض: "مَنْ أَبْغَضَ الصحابةَ؛ فليس له في فيءِ المسلمينَ حقٌّ" قال: ونزع في آية الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]. وقد مر عنه في بحث فضل الصحابة أنه أخذ كفر مبغضي الصحابة من قوله تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ...} [الفتح: 29]. قال في "المواهب": فسبهم والطعن فيهم، إذا كان مما يخالف الأدلة القطعية كفرٌ، كقذف عائشة، رضي الله تعالى