حديث "للعامِل منهُم أجرُ خمسينَ منكم" لا يَدُلُّ على أفضلية غير الصحابة على الصحابة، لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة.
وأيضًا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثِلهُ في ذلك العمل، فأما ما قارَبَهُ ممن شاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من زيادة فضيلة المشاهدة، فلا يَعْدِلُهُ فيها أحدٌ، فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة، وأما حديث أبي عُبَيْدة، فلم تَتَّفِق الرواة على لفظه، فقد رواه بعضهم بلفظ الخيرية كما مر، ورواه بعضهم بلفظ: "يا رَسُولَ اللهِ؛ هل من قومٍ أعظمُ مِنّا أجرًا؟ ".
الحديث أخرجه الطَّبَرانيُّ، وإسناد هذه الرواية أقوى من إسناد الرواية المتقدمة، وهي توافق حديث أبي ثَعْلَبَة، وقد مر الجواب عنه، انتهى.
إذا علمت ما ذكر من فضل الصحابة، فاعلم أن محبتهم واجبة على كل مؤمن، وبغضهم وسبهم من أكبر الكبائر إن لم يكن كفرًا، كما يأتي إن شاء الله تعالى قريبًا. وذلك أن محبة من أحبه الرسول عليه الصلاة والسلام كآل بيته وأصحابه، رضي الله تعالى عنهم، علامة على محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أن محبته عليه الصلاة والسلام علامة على محبة الله تعالى، وكذلك عداوة من عاداهم، وبغض من أَبْغَضَهُم وسبهم، فمن أحب شيئًا أحب من يحب، وأبغض من يبغض، قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] فحب آل بيته، عليه الصلاة والسلام، وأصحابه، وأولاده، وأزواجه، من الواجبات المتعينات، وبغضهم من الموبقات المهلكات. ومن محبتهم وجوب توقيرهم وبرهم، والقيام بحقوقهم، والاقتداء بهم، بأن يمشي على سننهم وآدابهم وأخلاقهم، والعمل بأقوالهم مما ليس للعقل فيه مجال، وحسن الثناء عليهم، بأن يُذْكروا بأوصافهم الجليلة على قصد التعظيم، فقد أثنى الله تعالى عليهم في كتابه المجيد كما مر في آية: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ...} إلخ. ومن أثنى الله تعالى عليه، فهو واجب الثناء، والاستغفار لهم. قالت عائشة - رضي الله