وقال خواهر زاده: قول أبي حنيفة أدق وأجود، وقولهما أحوط وأرفق. وقول الشافعيّ كقولهما. قال النووي وغيره: متابعة الإِمام واجبة في الأفعال الظاهرة، وقد نبه عليها في الحديث، فذكر الركوع وغيره، بخلاف النية .. إلخ ما يأتي. وقال الماورديّ في تكبيرة الإِحرام قبل فراغ الإِمام منها: لم تنعقد صلاته، فإن قارنه أو سابقه فقد أساء، ولا تبطل صلاته، فإن سلم قبل إمامه بطلت صلاته، إلَّا أن ينوي المفارقة، ففيه خلاف مشهور، وقول النووي السابق "بخلاف النية" يريد به ما ذهب إليه الشافعيّ وطائفة، من اختلاف النية مع الإِمام يضر، وجعل الحديث مخصوصًا بالأفعال الظاهرة. قال النوويّ: لأن النية لم تذكر، وقد خرجت بدليل آخر، وكأنه يعني قصة معاذ الآتية في أبواب الإمامة.
قال في الفتح: يمكن أن يستدل من هذا الحديث على عدم دخولها؛ لأنه يقتضي الحصر في الاقتداء به في أفعاله لا في جميع أحواله، كما لو كان مُحْدِثًا أو حامل نجاسة، فإن الصلاة خلفه تصح لمن لم يعلم حاله على الأصح عند العلماء. وقال مالك وأبو حنيفة: يضر اختلافهما. وجعلا اختلاف النية تحت الحصر في الحديث، وقال مالك: لا يضر الاختلاف بالهيأة بالتقدم في الموقف. وجعل الحديث عامًا فيما عدا ذلك.
وقوله: وإن صلّى قائمًا فصلوا قيامًا، مفهومه وإن صلّى قاعدًا فصلوا قعودًا، وقد صرح بهذا المفهوم في رواية ابن شهاب عن أنس عند المؤلف في الإمامة، ففيها "وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" وقد احتج بهذه الرواية أحمد وإسحاق وابن حزم والأوزاعيّ ونفر من أهل الحديث، على أن الإِمام إذا صلى قاعدًا يصلي من خلفه قعودًا. وقال أبو حنيفة والشافعي والثَّوريّ وأبو ثور وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلَّا قائمًا. وقال المرغانيّ: الفرض والنفل سواء. وقال مالك: لا تجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائمًا ولا قاعدًا.
وأجابت المالكية عن حديثي أنس الذي في الباب، والذي في الإمامة، وعن حديث عائشة بأن هذا كله خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، واحتجوا بما أخرجه