أربعة أشهر فصاعدًا. ومن اللطائف أن الحكمة في الشهر مع أن مشروعية الهجر ثلاثة أيام أن عدتهن كانت تسعة، فإذا ضربت في تسعة كانت سبعة وعشرين، واليومان لمارية لأنها كانت أَمَة، فنقصت عن الحرائر. قلت: إنما يتم هذا لو هجر واحدة بعد واحدة، إما في حال اجتماعهن في الهجر شهرًا فلا يتم؛ لأن كل واحدة منهن شهرًا.
وقوله: فجلس في مَشْرُبة له، بفتح أوله وسكون المعجمة وبضم الراء، ويجوز فتحها، وهي الغرفة المرتفعة. وقوله: دُرجتها من جذوع الدُّرجة، بالضم وبالتحريك وكهمزة وتشدد جيم هذه، وكأَسْكُفَّة: المَرقاة، وجذوع بالتنوين من غير إضافة وللكشميهني "من جذوع النخل".
والغرض من هذا الحديث هنا صلاته -صلى الله عليه وسلم- في المَشْرُبة، وهي معمولة من الخشب. قاله ابن بطال: وتعقب بأنه لا يلزم من كون درجها من خشب أن تكون كلها خشبًا، فيحتمل أن يكون الغرض منه بيان جواز الصلاة على السطح، إذ هي سقف في الجملة. وقوله: وهم قيام، جملة اسمية حالية، وقوله: إنما جعل الإِمام ليُؤَم به، الائتمام الاقتداء والإِتباع، أي جعل الإِمام إمامًا ليقتدى به ويتبع، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه، ولا يساويه، ولا يتقدم عليه في موقفه، بل يراقب أحواله ويأتي على أثره بنحو فعله، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال، فمتابعته واجبة في كل شيء، وليست شرطًا إلّا في تكبيرة الإحرام والسلام؛ لأن الفاء في قوله "فإذا كبّرَ فكَبّروا" للتعقب المقتضي مشروعية متابعته في الأقوال.
وخالف أبو حنيفة فقال: إن المقتدي يكبر مقارنًا لتكبير الإِمام لا يتقدم ولا يتأخر عنه؛ لأن الفاء للحال. وقال أبو يوسف ومحمد: الأفضل أن يكون بعد فراغ الإِمام من التكبير؛ لأن الفاء للتعقب، وإنْ كبّر مع الإِمام أجزاه عند محمد، وقد أساء، وكذا في أصح الروايتين عند أبي يوسف، وفي رواية لا يضير شارعًا ثم ينبغي أن يكون اقترانهما في التكبير على قوله، كاقتران حركة الخاتم والأصبع. والبعدية على قولهما أَن يوصل ألف الله براء أكبر.