الرخصة، واحتج بأنه خبر، والخبر لا يدخله النسخ، فيكون هو الناسخ، ورُدَّ هذا بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقد أمكن الجمع فلا يلتفت لدعوى النسخ، وكون الخبر لا يدخله النسخ رده ابن التين، بأن الخبر إذا قارنه الأمر، جاز دخول النسخ فيه. ويمكن الجمع أيضًا بأن الثاني كانت تصاويره من ذوات الأرواح، والأول كانت من غير الحيوان.

وأما الحنفية فقد قالوا إن الصور التي تكون فيما تبسط وتفرش وتمتهن خارجة عن النهي الوارد في التصاوير، لحديث زيد بن خالد "إلا رقمًا في ثوب" وكان أبو حنيفة وأصحابه يكرهون التصاوير في البيوت بتمثال، ولا يكرهون فيما يبسط، ولم يختلفوا أن التصاوير في الستور المعلقة مكروهة، ونقل عن الحنفية أنه لا تكره الصلاة إلى جهة فيها صورة إذا كانت صغيرة أو مقطوعة الرأس، وأما الحنابلة فمذهبهم جواز الصورة في الثوب، ولو كان معلقًا، على ما في خبر أبي طلحة، لكن إنْ ستر به الجدار منع عندهم، وكذا إن لُبس أو عُلق على ما هو الراجح عندهم، ويجوز إن افترش أو جعل مخدة، والذي يحرم صورة الحيوان، فإن أُزيل منها ما لا تبقى معه حياة لم تكره. ولم يحضرني الآن تفصيل مذهبهم، وهو قريب من مذهب المالكية.

وقد قال الرافعيّ: في دخول البيت الذي فيه الصور وجهان، قال الأكثر يكره، وقال أبو محمد يحرم، فلو كانت الصورة في ممر الدار لا داخلها، كما في ظاهر الحمام، أو دهليزها، يمتنع الدخول. قال: وكان السبب فيه أن الصورة في الممر ممتهنة، وفي المجلس مكرمة. قال في الفتح: وقصة إطلاق نص المختصر، وكلام الماوردي وابن الصّبّاغ وغيرهما: لا فرق. قلت مذهب المالكية حرمة الدخول في محل فيه صورة محرمة مطلقًا. وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ما كان له ظل، وأما ما لا ظل له فلا بأس باتخاذه.

قال النوويّ هذا مذهب باطل وما قاله مردود، فإن هذا المذهب أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن القاسم بن محمد الذي هو أحد فقهاء المدينة السبعة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة عن عائشة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015