واستدلت المالكية لمذهبها بحديث أبي هريرة في السنن وصححه التِّرمذيّ وابن حبّان، ولفظه "أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلتُ إلَّا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قِرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطئان، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وفي رواية النَّسائيّ "إما أن تقطع رؤوسها أو تُجعل بسطًا توطأ" ففي هذا الحديث بيان أن الصورة التي تمتنع الملائكة من الدخول في المكان الذي تكون فيه باقية على هيأتها، مرتفعة غير ممتهنة، فأما لو كانت ممتهنة أو غير ممتهنة، لكنها غيرت عن هيأتها، إما بقطعها من نصفها، أو بقطع رأسها فلا امتناع. وقد قال الخطابيّ: الصور التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن. واستدلوا أيضًا بحديث عائشة المخرج عند المصنف في اللباس "فجعلناه وسادة أو وسادتين" وفي رواية "فاتخذت منه نُمْرُقَتين، فكانتا في البيت يجلس عليها" ولفظه عند مسلم "فجعلته مِرْفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت".

وعورض حديث عائشة هذا بحديثها الذي مرّ في القِرام، وحديثها المخرج في اللباس، حيث قالت فيه "إن هذه النمرقة لتجلس عليها وتوسدها، فامتنع من الدخول حتى أزالتها" فظاهر الأول يدل على أنه عليه الصلاة والسلام استعمل الستر الذي فيه الصورة بعد أن قطع وعملت منه الوسادة، وهذا يدل على أنه لم يستعمله أصلًا، ويمكن الجمع بينهما بأنه لا يلزم من جواز اتخاذ ما يوطأ من الصور جوازُ القعود على الصورة، فيجوز أن يكون استعمل من الوسادة ما لا صورة فيه، ويجوز أن يكون رأى التفرقة بين القعود والاتكاء، وهذا بعيد جدًا، أو يجمع بأنها لما قطعت الستر، وقع القطع في وسط الصورة مثلًا، فخرجت عن هيأتها، فلهذا صار يرتفق بها، ويؤيد هذا الجمع حديثُ أبي هريرة المتقدم.

وقال الداوديّ: إن حديث النمرقة فاسخ لجميع الأحاديث لدالة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015