خلاف الأَوْلى، وإن كان غير ممتهن، بأن كان معلقًا مثلًا، كان مكروهًا كراهة تنزيه، وهذا كله إذا كان تام الصورة. وإن كان ناقص عضو فهو جائز. كما إذا كان جمادًا أو شجرًا أو غيره، فإنه جائز ولا فرق في نقص العضو بين الرأس وغيره، مما لا يحدث به على مشهور.
وصحح ابن العربيّ أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيأتها تحرم، سواء كانت مما يمتهن أم لا وإن قطع رأسها أو فرقت هيأتها جاز، وهذا المذهب منقول عن الزُّهريّ، وقواه النوويّ، وقد يشهد له حديث القِرام المارّ، وحديث النَّمرقة الآتي في اللباس. وقيد مجاهد جواز تصوير الشجر بما لا يثمر، وأما ما يثمر فالحقه بما له روح. قال عياض: لم يقله أحد غير مجاهد، ورده الطحاويّ بأن الصورة لمّا أبيحت بعد قطع رأسها، التي لو قطعت من ذي الروح لما عاش، دل ذلك على إباحة ما لا روح له أصلًا. قال في الفتح: وأظن مجاهدًا سمع حديث أبى هريرة المخرج في اللباس "فليخلقوا حبَّة، وليخلقوا ذرة" فإنّ في ذكر الذرة إشارة إلى ما له روح. وفي ذكر الحبة إشارة إلى ما ينبت مما يؤكل، وأما ما لا روح فيه ولا يثمر، فلم تقع الإشارة إليه.
وقال ابن العربيّ: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حَرُم بالإجماع، وإن كانت رَقْمًا فأربعة أقوال:
الأول: يجوز مطلقًا على ظاهر قوله في حديث زيد بن خالد "إلا رَقمًا في ثوب".
الثاني: المنع مطلقًا حتى الرقم، قلت: لظاهر حديث القِرام المتقدم.
الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيأة قائمة الشكل، حَرُم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز. قال: وهذا هو أصح الأقوال. قلت: وحديث أبي هريرة الآتي قريبًا شاهد له.
الرابع: إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقًا لم يجز، قلت: وحديث عائشة الآتي شاهد له.