كان في السنة الرابعة من الهجرة، وهو مأخوذ مما ذكره غيره من أن نزول آية الخوف كان فيها، وقيل كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية، ذكره الدولابيّ، وأورده السهيلي بلفظ "بعد الهجرة بعام ونحوه" وقيل بعد الهجرة بأربعين يومًا. فعلى هذا المرادُ بقول عائشة "فأقرت صلاة السفر" أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف، لا أنها استمرت منذ فرضت، فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة، وأما ما وقع في حديث ابن عباس "والخوف ركعة" فالبحث فيه يجيء إن شاء الله تعالى في صلاة الخوف.
وقد ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة، إلَّا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربيّ إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشيّ. وذكر الشافعيّ عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة، ثم نسخت بقوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس. واستنكر محمد بن نصر المروزيّ ذلك، وقال: الآية تدل على أن قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] إنما نزلت بالمدينة، لقوله تعالى فيها {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} والقتال إنما وقع بالمدينة لا بمكة، والإسراء كان بمكة قبل ذلك، وما استدل به غير واضح؛ لأن قوله تعالى {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: 20] ظاهر في الاستقبال، فكأنه سبحانه وتعالى امتَنَّ عليهم بتعجيل التخفيف، قبل وجود المشقة التي علم أنها ستقع لهم.
قد مروا، مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك وعروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ صالح بن كيسان في السابع منه آخر حديث منه.
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والإخبار في موضع، والعنعنة في ثلاثة مواضع، ورواته ما بين مصريّ ومدنيّ، وهذا الحديث من