الجنة على صورته.
ونبه بإدريس عدى رفع منزلته عند الله تعالى، وكان في الرابعة لقوله تعالى {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57] والرابعة من السبع وسط معتدل.
ونبه بهرون على أن قومه رجعوا إلى محبته بعد أن آذوه، فكانوا يؤثرونه على موسى، فكذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، حتى صار محببًا عند سائر الخلق، وكان في الخامسة لقربه من أخيه موسى، وموسى أرفع منه لفضل كلام الله.
ونبه بموسى على ما وقع له من معالجة قومه، وقد أشار إلى ذلك بقوله "لقد أُوذي موسى بأكثر من هذا فصبر" وعلى ما آل إليه أمره من قهر الجبابرة، وإخراجهم من أرضهم، فكذلك نبينا عليه الصلاة والسلام حاله مثل ذلك حيث فتح مكة، وقهر المتجبرين المستهزئين من قريش. وكان في السادسة لتفضيله بكلام الله تعالى.
ونبه بإيراهيم في استناده إلى البيت المعمور بما ختم له -صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره، من إقامة مَنْسك الحج، وتعظيم البيت، ولأنه الأب الأخير، فناسب أن يتجدد للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنس بلقيه، لتوجهه بعده إلى عالم آخر، وأيضًا فمنزلة الخليل تقتضي أن تكون أرفع المنازل، ومنزلة الحبيب أرفع من منزلته، فلذلك ارتفع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن منزلة إبراهيم إلى قاب قوسين أو أدنى، وأبدى ابن المنير في مناسبة لقاء إبراهيم في السماء السابعة معنى لطيفًا، وهو ما اتفق له -صلى الله عليه وسلم- من دخول مكة في السنة السابعة، وطوافه بالبيت، ولم يتفق له الوصول إليها بعد الهجرة قبل هذه السنة، بل قصدها في السنة السادسة، فصدوه عن ذلك كما يأتي بسطه، إن شاء الله تعالى، في كتاب الشروط.
ثم قال: فلما مرَّ جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بإدريس الباء الأولى للمصاحبة والثانية للإلصاق، أو بمعنى علي، وقوله: ثم مررت بموسى، في رواية مالك بن صعصعة "فلما تجاوزت بكى قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي" وفي رواية شريك عن