ما خلق الله تعالى، قد فَضَل الناس بالحسن، كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب" وهدا ظاهره أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس، لكن روى التِّرمذيّ من حديث أنس "ما بعث الله نبيًا إلاّ حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نيكم أحسنهم وجهًا، وأحسنهم صوتًا" فعلى هذا فيحمل حديث المعراج على أن المراد غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويؤيده قول من قال إن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه. وحمل ابن المنير حديث الباب على أن المراد أن يوسف أُعطي شطر الحسن الذي أُوتيه نبينا عليه الصلاة والسلام.

وقد اختلف في الحكمة في اختصاص كل منهم بالسماء التي التقاه بها فقيل: ليظهر تفاضلهم في الدرجات، وقيل: لمناسبة تتعلق بالحكمة في الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء، فقيل: أُمروا بملاقاته، فمنهم من أدركه في أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحق، ومنهم من فاته، وهذا زيّفه السهيليّ وأصاب. وقال السهيليّ وابن أبي جمرة: الحكمة في الاقتصار على هؤلاء المذكورين الإشارة إلى ما سيقع له عليه الصلاة والسلام مع قومه، من نظير ما وقع لكل منهم، فأما آدم فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض بما سيقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الهجرة إلى المدينة، والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة، وكراهة فراق ما ألفه من الوطن، ثم كان مآل كل منهما أن يرجع إلى موطنه الذي أُخرج منه. وكان في السماء الدنيا؛ لأنه أول الأنبياء، وأول الآباء، وهو أصل، فكان أولًا في الأُولي، ولتأنيس النبوة بالأُبوة.

ونبه بعيسى ويحيى على ما وقع له في أول الهجرة من عداوة اليهود، وتماديهم على البغى عليه، وإرادتهم وصول السوء إليه، كما فعلوا مع عيسى من إرادة قتله، ومع يحيى. ذبحوه، وكان عيسى بالثانية أيضًا لأنه أقرب الأنبياء عهدًا من محمد.

ونبه بيوسف ما وقع له من إخوته من قريش، في نصبهم الحرب له، وإرادتهم هلاكه، وكائت العاقبة له، وقد أشار إلى ذلك بقوله لقريش يوم الفتح "أقول كما قال يوسف: لا تثريب عليكم". وكان في الثانية لأنّ أمة محمد تدخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015