هل أُسري باجسادهم لملاقاته عليه الصلاة والسلام تلك الليلة، أو أن أرواحهم مستقرة بالأماكن التي لقيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها؟ وهي مشكلة بشكل أجسادهم، كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل. واختار الأول بعض شيوخ ابو حَجَر، واحتج بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأيت موسى ليلة أُسري بي، قائمًا يصلي في قبره، فدل على أنه أُسري به لما مرَّ به" قال في الفتح: وليس ذلك بلازم، بل يجوز أن يكون في السماء.

وقوله: فلما جئت إلى السماء الدنيا، في حديث أبي سعيد في ذكر الأنبياء عند البيهقي "إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحَفَظة، وعليه مَلَك يقال له إسماعيل، وتحت يده اثنا عشر ألف ملك". وقوله: قال جبريل لخازن السماء: افتح، وفي رواية "فاستفتح" وهذا يدل على أن الباب كان مغلقًا، وعلى أن للسماء أبوابًا حقيقة، وحفظة موكلين بها. قال ابن المنير: حكمته التحقيق أن السماء لم تفتح إلَّا من أجله بخلاف ما لو وجده مفتوحًا.

وقوله: "قال: مَنْ هذا؟ قال: جبريل" فيه من أدب الاستئذان أن المستأذِن يسمي نفسه لئلا يلتبس بغيره. وقوله: "قال: هل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمد" وفي رواية مالك بن صعصعة قيل: "ومن معك؟ قال: محمد" ورواية "من معك؟ " تشعر بأنهم أحسوا معه برفيق، وإلّا لكان السؤال بلفظ "أمَعَك أحد؟ " كما في الرواية الأولى، وذلك الإحساس إما بمشاهدة، لكون السماء شفّافة، وإما بأمر معنويّ، كزيادة أنوار ونحوها، تشعر بتجدد أمر يحسن معه السؤال بهذه الصيغة.

وقوله: أرسل إليه، وللكشميهنى "أو أرسل إليه" يحتمل أن يكون خفي عليه أصل ارساله لاشتغاله بعبادته، ويحتمل أن يكون استفهم عن الإرسال إليه للعروج إلى السماء، وهو الأظهر لقوله "إليه" وليس المراد أصل البعث، لأنّ ذلك كان قد اشتهر في الملكوت الأعلى. وقيل: سألوه تعجبًا من نعمة الله عليه بذلك، واستبشارًا به. وقد علموا أن بشرًا لا يترقى إلَّا بإذن الله تعالى، وأن جبريل لا يصعد بمن لم يرسل إليه. وقيل: الحكمة في سؤال الملائكة: وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015