بيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها" وفيه "فدخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصلى كل واحد منا ركعتين" وفي رواية أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود نحوه، وزاد "ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد، ثم أُقيمت الصلاة فأممتهم". وفي رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس عند ابن أبي حاتم "فلم ألبث إلاَّ يسيرًا حتى اجتمع ناس كثير، ثم أذن مؤذن، فأقيمت الصلاة فقمنا صفوفًا ننتظر من يؤمنا، فأخذ بيدي جبريل فقدمني، فصليت بهم".
وفي حديث ابن مسعود عند مسلم "وحانت الصلاة فاممتهم" وفي حديث عند أحمد "فلما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- المسجدَ الأقصى، قام يصلي، فإذا النبيون أجمعون يصلون معه" وفي حديث عمر عند أحمد أيضًا، أنه لما دخل بيت المقدس قال: أصلي حيث صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتقدم إلى القبلة وصلى. وأخرج الطبرانيّ عن عبد الرحمن بن هاشم عن أنس "ثم بُعث له آدم فمن دونه، فأمَّهم تلك اليلة" وفي الطبرانيّ في الأوسط عن أبي أمامة "ثم أُقيمت الصلاة فتدافعوا حتى قدموا محمدًا" وعند البزار والحاكم عن أبي هريرة "أنه صلى ببيت المقدس مع الملائكة، وأنه أُتي هناك بأرواح الأنبياء، فأثنوا على الله تعالى" وفيه قول إبراهيم "لقد فضلكم محمد" قال عياض: يحتمل أن يكون صلى بالأنبياء جميعًا في بيت المقدس، ثم صعد منهم إلى السموات مَنْ ذَكَر صلى تعالى عليه وسلم أنه رآه، ويحتمل أن تكون صلاته بهم بعد أن هبط من السماء، فهبطوا أيضًا. وقال غيره: رؤيته إياهم في السماء محمولة على رؤية أرواحهم، إلَّا عيسى لما ثبت أنه رُفع بجسده. وقد قيل ذلك في إدريس أيضًا، وأمّا الذين صلوا معه في بيت المقدس فيحتمل الأرواح خاصة، ويحتمل الأجساد بأرواحها.
قلت: ويؤيد الاحتمال الأول ما مرَّ قريبًا عن الحاكم والبزار، أنه أُتي هناك بأرواح الأنبياء، والأظهر أن صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج. وقال بعض العلماء: اختلف في حال الأنبياء عند لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهم ليلة الإسراء،