حتى انتهيا إلى بيت المقدس" وهذا لم يسنده حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيحتمل أنه قاله عن اجتهاده، ويحتمل أن يكون قوله: هو وجبريل، يتعلق بمرافقته في السير لا في الركوب.
قال ابن دَحية وغيره: معناه وجبريل قائدًا وسائقًا ودليلًا. قال: وإنما جزمنا بذلك لأنّ قصة المعراج كانت كرامة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا مدخل لغيره فيها، والتأويل المذكور يرده ما مرَّ صريحًا من ركوبه معه، وظاهر حديث حذيفة أن المعراج وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- على ظهر البُراق إلى أن صعد السموات كلها، ووصل إلى ما وصل، ورجع وهو على حاله، وفيه نظر، لما مرَّ من صعوده على المعراج، ولعل حذيفة إنما أشار إلى ما وقع في ليلة الإسراء المجردة، التي لم يقع فيها معراج، على ما مرَّ من تقرير وقوع الإسراء مرتين. وظاهر قوله المار "حتى أتى السماء الدنيا" يشعر بأنه استمر على البراق حتى عرج إلى السماء، وتمسك به أيضًا من زعم أن المعراج كان في ليلة غير ليلة الإسراء إلى بيت المقدس، وقد أنكر حذيفة ما مرَّ من رواية ثابت عن أنس "فربطته بالحلقة" فروى أحمد والتِّرمذيّ عن حُذيفة قال: تحدثون أنه ربطه، أخافَ أن يفر منه وقد سخره له عالم الغيب والشهادة؟ قال البيهقيّ: المثبت مقدم على النافي، يعني من أثبت ربط البراق والصلاة في بيت المقدس معه زيادة علم على من نفى ذلك، فهو أولى بالقبول.
وفي رواية بُريدة عند البزار "لما كان ليلة أُسري به، فأتى جبريلُ الصخرةَ التي ببيت المقدس، فوضع أصبعه فيها، فخرقها فشد بها البراق" ونحوه للتِّرمذيّ، ويجاب عما قاله حذيفة بأن الربط كان للتشريع بتعاطي الأسباب، وتعليمًا للأمة بذلك، لا للخوف من فراره. وأنكر حذيفة أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيت المقدس، واحتج بأنه لو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة فيه، كما كتب عليكم الصلاة في البيت العتيق. والجواب عنه منع التلازم في الصلاة إن كان أراد بقوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} الفرضَ، وإن أراد التشريع فتلتزمه. وقد شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيت المقدس، فقرنه بالمسجد الحرام ومسجده في شد الرحال، وذكر فضيلة الصلاة فيه في غير ما حديث. وعند البيهقيّ عن أبي سعيد "حتى أتيت