الطريق له حتى قطع المسافة الطويلة في الزمن اليسير أن لا يخرج بذلك عن اسم السفر، وتجري عليه أحكامه.
والبراق بضم الموحدة وتخفيف الراء مشتق من البَريق، فقد جاء في لونه أنه أبيض، أو من البَرق لأنه وصفه بسرعة السير، أو من قولهم شاة برقاء، إذا كان خلال صوفها الأبيض طافات سود، ولا فيافيه وصفه في الحديث بأنه أبيض، لأنّ البرقاء من الغنم معدودة في البياض، ويحتمل أن لا يكون مشتقًا. وقوله السابق: فحملت عليه، في رواية لأبي سعيد في شرف المصطفى "فكان الذي أمسك بركابه جبريل، وبزمام البراق ميكائيل" وفي رواية معمر عن قتادة عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة أُسري به اتي بالبراق مسرجًا ملجمًا، فاستصعب عليه، فقال له جبريل: ما حملك على هذا، فوالله ما ركبك خلق قط أكرم على الله تعالى منه، فارفضَّ عرقًا. أخرجه الترمذيّ وقال: حسن غريب، وصححه ابن حبّان.
وذكر ابن إسحاق عن قتادة أنه لما شَمَس وضع جبريل يده على معرقته، فقال: أما تستحي، فذكر نحوه مرسلًا لم يذكر أنسًا. وفي رواية وثيمة عن ابن إسحاق "فارتعشتُ حتى لصقت بالأرض، فاستويت عليها" وللنّسائيّ وابن مردويه عن يزيد بن أبي مالك عن أنس نحو موصولًا، وزاد "وكانت تسخر للأنبياء قبله". ونحوه في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق. وفيه دلالة على أن البراق كان معدًا لركوب الأنبياء خلافًا لمن نفى ذلك، كابن دحية. وأُوَّل قول جبريل "فما ركبك أكرم على الله منه" أي ما ركبك أحد قط، فكيف يركبك أكرم منه، وقد جزم السهيليّ بأنّ البراق إنما استصعب عليه لبعد عهده بركوب الأنبياء قبله، قال النووي: قال الزبيديّ في "مختصر العين" وتبعه صاحب "التحرير": كان الأنبياء يركبون البراق. قال: وهذا يحتاج إلى نقل صحيح. قال في "الفتح": والنقل هو ما مرَّ، ويؤيده ظاهر قوله في حديث ثابت عن أنس "فربطته بالحلقة التي تريط بها الأنبياء" ووقع في "المبتدأ" لابن إسحاق من رواية وثيمة في ذكر الإسراء "فاستصعبت البراق، وكانت الأنبياء تركبها قبلي، وكانت بعيدة العهد