وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يغسل يده قبل التطهر، ويجمع بينهما بأن ينزلا على حالين، فحيث لم يغسل كان متيقنًا أن لا قذر في يده، وحيث غسل كان ظانًّا أو متيقنًا أن فيها شيئًا، أو غسل للندب، وترك للجواز.

وأخرج ابن أبي شَيْبة عن الشعبي قال: كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يُدخلون أيديهم الماء قبل أن يغسلوها. وهم جنب.

وأثر ابن عمر وصله سعيد بن منصور بمعناه، وعبد الله مرَّ في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه. وأثر البراء وصله ابن أبي شيبة في "مصنفه" بلفظ: إنه أدخله في المطهرة قبل أن يغسلها. والبراء بن عازب مرَّ في الرابع والثلاثين من كتاب الإيمان أيضًا.

ولَمْ يَرَ ابنُ عُمَرَ وابنُ عباسٍ بأسًا بما يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ.

أي: في الإناء الذي يغتسل فيه. ووجه الاستدلال به للترجمة هو أن الجنابة الحكمية لو كانت تؤثر في الماء لامتنع الاغتسال من الإناء الذي تقاطر فيه ما لاقى بدن الجنب من ماء اغتساله.

ويمكن أن يقال: إنما لم ير الصحابي بذلك بأسًا؛ لأنه مما يشق الاحتراز منه، فكان في مقام العفو كما روى ابن أبي شَيْبة عن البصري قال: ومن يملك انتشار الماء؟ إِنا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع من هذا.

أما أثر ابن عمر فوصله عبد الرزاق بمعناه، وابن عمر مرَّ في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه. وأما أثر ابن عباس فقد رواه ابن أبي شَيْبة وعبد الرزاق من وجه آخر عنه، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015