حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ.
قوله: "أنا والنبي" بالرفع عطفًا على المرفوع في: "كنت"، وأبرز الضمير المنفصل ليصح العطف عليه، وبالنصب مفعول معه، فتكون الواو للمصاحبة، أي: اغتسل مصاحبة له.
وقوله: "تختلف أيدينا فيه" أي: من الإدخال فيه والإخراج منه، تعني أنه كان يغترف تارةً قبلها، وتغترف هي تارة قبله. وزاد مسلم في آخره: "من الجنابة"، أي: لأجلها. ولمسلم أيضًا عنها: "فيُبادِرني حتى أقول: دع لي". وللنسائي: "وأبادره حتى يقول: دعي لي".
وجملة: "تختلف ... إلخ" حالية من قوله: "من إناء واحد"، والجملة بعد المعرفة حال، وبعد النكرة وصف، والإناء هنا موصوف، فله حكم المعرفة.
ومطابقة الحديث للترجمة هو أن الجنب لما جاز له أن يدخل يده في الماء قبل أن يغسلها إذا لم يكن عليها قَذَر، لقولها: "تختلف أيدينا فيه"، واختلافها فيه لا يكون إلا بعد الإدخال، دل ذلك على أنه غير مفسد للماء إذا لم يكن عليها ما ينجس يقينًا، وإن الأمر بغسل يده قبل إدخالها في الإناء ليس لأمر يرجِعً إلى الجنابة، بل إلى ما لعله يكون بيده من نجاسة متيَقَّنة أو مظنونة.
وفي هذا الحديث جواز اغتراف الجُنُب من الماء القليل، وأن ذلك لا يمنع من التطهُّر بذلك الماء، ولا بما يفضُل منه. ويدل على أن النهي عن انغماس الجنب في الماء الدائم إنما هو للتنزيه، كراهية أن يُستقذر، لا لكونه يصير نجسًا