وقوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت" المراد به القرآن، والإيمان به يتضمّن الإيمان بجميع كتب الله المنزلة، ويُحتمل أن يريد اسم الجنس، فيعُمَّ كل كتاب أنزل، لإضافته إلى الضمير؛ لأن المعرَّف بالإضافة كالمعرف باللام في احتماله الجنس. والاستغراق والعهد، بل جميع المعارف كذلك.
قال البيضاوي كالزمخشري في "الكشاف" في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6]: تعريف الموصول إما للعهد، فالمراد به ناس بأعيانهم، كأبي لهب وأبي جهل، والوليد بن المغيرة، وأحبار اليهود. أو للجنس متناولًا من صمَّم على الكفر من غيرهم، وخصَّ منهم غير المصرين.
وقوله: "وبنبيِّك الذي أرسلت" بحذف ضمير المفعول، أي: أرسلته، وفي رواية أبي زيد المَرْوزي: "أرسلته"، و"أنزلته" في الأول، بزيادة الضمير فيهما.
وقوله: "فإن مُتَّ من ليلتك" وفي رواية بإسقاط من ليلتك، وفي رواية المسيَّب بن رافع: "من قالهن ثم مات تحت ليلتِه". قال الطيبي: فيه إشارة إلى وقوع ذلك قبل أن ينسلخ النهار من الليل، وهو تحته، أو المعنى بالتحت أي مُت تحت نازل ينزل عليك في ليلتك، وكذلك معنى من في الرواية الأولى، أي: من أجل ما يحدُث في ليلتك.
وقوله: "فأنت على الفطرة" أي: على الدين القويم ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنه عليه السلام أسلم واستسلم، قال تعالى عنه: {جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 84]، وقال عنه: {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرًة: 131]، وقال: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات: 103].
وقال ابن بطال وجماعة: المراد هنا دين الإِسلام، وهو بمعنى الحديث الآخر: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة".
قال القُرطبي في "المفهم": كذا قال الشيوخ، وفيه نظر؛ لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذُكرت من التوحيد والتسليم والرضى إلى أن يموت، كمن يقول لا إله إلا الله ممن لم يخطُر له شيء من هذه الأمور،