كنت أظن أنه بقي من يحفظ هذا غيري، وقال بعض المحدثين: قرأ علينا وكيع، فجعل يقول: حدثني الثَّبْت، حدثني الثَّبْت، فقلنا: من هو؟ قال: مالك. وقال حرب: قلت لأحمد؛ مالك أحسن حديثًا عن الزُّهري، أو ابن عُيينة؟ قال: مالك، قلت: فمَعْمر، فقدم مالكًا إلا أن معمرًا أكبر سنًّا منه. وقال وُهيب ليحيى بن حسان: ما بين شرقها وغربها أحد آمن عندنا على العلم من مالك، والعرض على مالك أحب إلي من السماع من غيره، وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي من أثبت أصحاب الزُّهْري؟ قال: مالك أثبت في كل شيء، وقال ابن سعد: كان مالك ثقة، مأمونًا، ثبتًا، ورعًا، فقيهًا، عالمًا، حجة. وقال أبو مُصعب عن مالك: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون محنكًا أني أهل لذلك. وقال ابن أبي خَيْثمة: حدثنا إبراهيم بن المُنْذر، سمعت ابن عُيينة، يقول: أخذ مالك ومَعْمر عن الزُّهري عَرْضًا، وأخذت سماعًا، قال: فقال يحيى بن معين: لو أخذا كتابًا كانا أثبت منه. وقال ابن وَهْب: سمعت مناديًا ينادي بالمدينة: ألا لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس، وابن أبي ذِئْب. وقال الشافعي: قال لي محمد بن الحسن: أيما أعلم صاحبنا أم صاحبكم، يعني أبا حنيفة ومالكًا, قلت له: على الإِنصاف؟ قال: نعم، قلت ناشدتك الله، من أعلم بالسنة: صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم، قال: قلت: ناشدتك الله من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتقدمين صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم، قال الشافعي: فلم يبق إلا القياس، وهو لا يكون إلا على هذه الأشياء، فعلى أي شيء نقيس؟ وكان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ، وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار وهَيبة، ثم حدث، فقيل له في ذلك، فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان لا يركب في المدينة مع ضَعْفه وكِبر سنه، ويقول: لا أركب في مدينة فيها جُثَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدفونة، وقال الواقِدِيُّ: كان مالك يأتي المسجد، ويشهد الصلوات والجُمُعة والجنائز ويَعُود المرضى، ويقضي الحقوق، ويجلس في