أخذ عنه الشافِعِيّ العلم الغزير، وقال فيه: مالك حجة الله تعالى على خلقه بعد التابعين، وقال: مالك معلمي، وعنه أخذنا العلم، وقال: إذا جاءك الحديث عن مالك فَشُدَّ به يدك، وإذا جاء الأثر فمالكٌ النَّجْم، وقال ابن عُيَيْنة في حديث أبي هُريرة: "يوشك أن يضرِب الناس أكباد الإِبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحدًا أعلم من عالم المدينة" هو مالك، وكذا قال عبد الرزاق، وقال ابن عُيينة أيضًا: إنا كنا نتبع آثار مالك، وننظر إلى الشيخ إن كتب عنه، وإلا تركناه، وما مَثَلي ومثل مالك إلا كما قال الشاعر:
وابْنُ اللَّبونِ إذا مَا لُزَّ في قَرَنٍ ... لمْ يَسْتَطعْ صَوْلةَ البُزْلِ القَناعيسِ
وقال النسائي: ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك، ولا أجل منه، ولا أوثق، ولا أمكن على الحديث منه، ولا أقل رواية عن الضعفاء؛ ما علمناه حدث عن متروك إلا عبد الكريم، يعني أبا أمية، وقال ابن حِبان في "الثقات": كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يُوْرِد إلا ما صَحَّ، ولا يحدث إلا عن ثقة مع الفقه والدين والفضل والنُسكِ، وبه تخرج الشافعي، وقال ابن مَهْدي: مما رأيت أحدًا أتم عقلًا ولا أشد تقوى من مالك، وقال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن عبد الله بن عُمر، وقال ابن عُيينة أيضًا: ما كان أشد انتقاد مالك للرجال، وأعلمه بشأنهم، وقيل لسفيان: أيما أحفظ سمي أو سالم أبو النضر؟ فقال: قد يروي مالك عنهما، قال علي عن بشر بن عمر الزَّهْرَاني: سألت مالكًا عن رجل، فقال: رأيته في كتبي؟ قلت: لا، قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي، قال: لا أعلم مالكًا ترك إنسانًا إلا إنسانًا في حديثه شيء. وقال ابن لَهيعة: قدم علينا أبو الأسود محمَّد بن عبد الرحمن سنة ست وثلاثين، فقلنا له: من يفتي بالمدينة؟ قال: ما رأيت ثَمَّ مثل فتى من ذي أَصْبح يقال له: مالك.
وقال حسين بن عروة عن مالك: قدم علينا الزُّهْرِي، فحدثنا نيفًا وأربعين حديثًا، فقال ربيعة: ها هنا من يرد عليك ما حدثت به أمس، قال: من هو؟ قال: ابن أبي عامر، قال: هات، فحدثته منها بأربعين، فقال: ما