الدارقطني: ابن البَيْلَمانيّ ضعفه جماعة، ووثق، فلا يحتج بما انفرد به إذا وصل، فكيف إذا أرسل؟ فكيف إذا خالف؟
وقال البيهقيّ: هذا الحديث منقطع، وراويه غير ثقة. وقال أبو عبيد: بمثل هذا السند لا تسفك دماء المسلمين. وذكر الشافعي في الأم أن في حديث عبد الرحمن بن البيلماني أن ذلك كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو بن أميّة، قال: فعلى هذا لو ثبت، لكان منسوخًا, لأن حديث "لا يقتل مسلم بكافر" خطب به النبي عليه الصلاة والسلام، يوم الفتح، كما في رواية عمرو بن شُعيب. وقصة عمرو بن أمُيَّة متقدمة على ذلك بزمانْ.
واحتجوا، أيضًا، بما أخرجه أبو داوود عن قيس بن عبّاد وعن علي بلفظ: "لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده".
ووجه استدلالهم به هو أنهم جعلوا معنى الحديث "ولا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده" أي بكافر أيضًا، قالين: إن الذي لا يقتل به ذو العهد من الكفار هو الحربي خاصة دون المعاهد والذميُّ، فيجب أن يكون الذي لا يقتل به المسلم هو الحربي تسويةً بين المعطوف والمعطوف عليه، وما فسروا به الحديث غير متعين، فمعنى الحديث على ما أبداه الشافعيّ هو أن النبي عليه الصلاة والسلام، لما أعلمهم أن لا قَوْد بينهم ويين الكفار، أعلمهم أن دماء أهل الذمة والعهد محرمة عليهم بغير حق، فقال: "لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده" فمعنى الحديث: لا يقتل مسلم بكافر قصاصًا، ولا يقتل من له عهد ما دام عهده باقيًا وهذا معنى صحيح غير محتاج إلى تقدير. والأصل عدم التقدير، والمشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه لا تطلب من كل وجه، بل تكفي المشاركة في أصل النفي، كقول القائل: مررت بزيد منطلقًا وعمرو، فإنه لا يوجب أن يكون "بعمرو منطلقًا" أيضًا، بل بالمشاركة في أصل المرور.
ويؤيد هذا التأويل أن خطبة الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتله الخزاعيّ، وكان له عهد، فخطب النبيُّ صلى الله تعالى عليه وسلم،