ما في الكتاب، أي إن أعطى الله رجلًا فهمًا في كتابه، فهو يقدر على الاستنباط، فتحصل عنده الزيادة بذلك الاعتبار.
وقوله: "أو ما في هذه الصحيفة" هي الورقة المكتوبة، وكانت معلقة بقبضة سيفه, إما احتياطًا أو استحضارًا، أو لكونه منفردًا بسماع ذلك وللنسائيّ "فأخرج كتابًا من قِراب سيفه".
وقوله: قلت "وما في هذه الصحيفة": وفي رواية وللكُشْمَيْهنيّ "فما" وكلاهما للعطف، أي: أيُّ شيء. وقوله: "العَقْلُ" أي الدِّية، وإنما سميت به لأنهم كانوا يعطون الإِبل فيها ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال، وهو الحبل، ووقع في رواية ابن ماجه بدل العقل "الديات"، والمراد أحكامها ومقاديرها وأصنافها وأسنانها.
وقوله: "وفِكاك الأسير" بفتح الفاء ويجوز كسرها، وهو ما يحصل به خَلاصه. وقوله "ولا يُقتل مسلم بكافر" بضم اللام على الرفع، وللكُشْمَيْهنيّ "وأنْ لا يقتل" بالنصب، وعطفت الجملة على المفرد لأن التقدير فيها أي الصحيفة، حكم العقل، وحكم تحريم قتل المسلم بالكافر، فالخبر محذوف، وحينئذ فهو عطف جملة على جملة، وتحريم القصاص من المسلم بالكافر وهو مذهب الجمهور، إلا أنه يلزم في قول المالكية في قاطع الطريق ومن في معناه إذا قتل غيلة أن يقتل ولو كان المقتول ذميًّا استثناء هذه الصورة من منع قتل المسلم بالكافر، وهي لا تستثنى في الحقيقة لأن فيه معنى آخر، وهو الفساد في الأرض.
وخالفت الحنفية الجمهور، فقالوا: يقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق، ولا يقتل بالمستأمن. وعن الشعبيّ والنّخعي: يقتل باليهودي والنصراني دون المجوسي. واحتجت الحنفية بما أخرجه الدارقطنيّ عن ابن عمر قال: قتل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مسلمًا بكافر. وقال: "أنا أولى من وفى بذمته". قال الدارقطني: فيه إبراهيم بن أبي يحيى، وهو ضعيف، ومدار هذا الحديث على ابن البَيْلمانيّ. وقد قال