الحديث الثالث والخمسون

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: لاَ، إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.

قوله: "هل عندكم" الخطاب لعلي، والجمع إما لإِرادته مع بقية أهل البيت، أو للتعظيم. وقوله: "كتاب" أي مكتوب، أخذتموه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، مما أُوحيَ إليه، ويدل على ذلك رواية المصنف في الجهاد "هل عندكم شيء من الوحي" وله في الديات "هلِ عندكم شيء مما ليس في القرآن". وفي مسند ابن راهَوَيه "هل علمت شيئاً من الوحي"؟ وقد سأله قيس بن عبادة والأشتر النَّخعيّ عن هذه المسألة كما في مسند النَّسائي، وإنما سألوه عن ذلك, لأن جماعة من الشيعة يزعمون أن عند أهل البيت، لاسيما عليًا، أشياء خصهم النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بها, لم يطلع عليها غيرهم.

وقوله: "إلا كتابُ الله" هو بالرفع بدل من المستثنى منه. وقوله: "أو فَهمٌ أعطيه رجل مسلم" فهم بالرفع عطف على كتاب، وأُعطيه بصيغة المجهول، نائبه رجل مسلم، والإِعطاء يكون من فحوى الكلام، ويدركه من باطن المعاني التي هي غير الظاهر من نصه، ومراتب الناس متفاوتة في ذلك، ويفهم منه جواز استخراج العالم من القرآن بفهمه ما لم يكن منقولًا عن المفسرين، إذا وافق أصول الشريعة، وقال ابن المنير: فيه دليل على أنه كانت عنده أشياء مكتوبة من الفقه المستنبط من كتاب الله، وهي المراد بقوله: "أو فهم أُعطيه رجل" والمراد بذكر الفهم إثبات إمكان الزيادة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015