قال: وحماه موليان له، وأحدهما يقول: العبد يحمي ربه ويحتمي، ثم اجتمعوا عليه، فلم يزالوا يضربونه حتى قتلوه، ومولييه جميعًا. ولما قتل كبر أهل الشام، فقال عبد الله بن عمر: المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل.
قال يعلي بن حَرَملة: لما قُتل جاءت امرأة طويلة مكفوفةُ البصر تقاد، وعبد الله رضي الله عنه مصلوب، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال الحجاج: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقًا، ولكنه كان صوامًا قوامًا برًا. قال لها: انصرفي فإنك عجوزٌ قد خَرِفت. فقالت له: والله ما خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في ثقيفٍ كذّابٌ ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فهو أنت.
والكذّاب المختار بن أبي عُبيد الثقفيّ. ثم رحل عُروة بن الزبير إلى عبد الملك، فرغب إليه في إنزاله من الخشبة فاسعفه فأنزل قال ابن أبي مُليكة: كنت أول من بشر أسماء بنزوله من الخشبة، فدعت بمركنٍ وشبٍّ يمان، وأمرتني بغسله فكنا لا نتناول عضوًا إلا جاء معنا، فكنا نغسل العضو ونضعه في اكفانه. ثم نتناول العضو الآخر الذي يليه فنغسله، ثم نضعه في اكفانه حتى فرغنا منه، ثم قامت فصلت عليه، وكانت تقول قبل ذلك: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بجثته، فما أتت عليها جمعةٌ حتى ماتت وقتل معه مئتان وأربعون رجلًا، وإن منهم لمن سال دمه في جوف الكعبة.
بدأ الحجاج بحصاره أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وكان قتله رحمه الله يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى، وقيل: الآخرة سنة ثلاث وسبعين. وحج الحجاج بالناس في ذلك العام، ووقف بعرفة وعليه درعٌ ومِعْفَر، ولم يطوفوا بالبيت في تلك الحجة، فكان الحصار ستة أشهر وسبعة عشر يومًا.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة وثلاثين حديثًا،