ولا دنيا أصابها. وقالت عائشة رضي الله عنها, لما بلغها موته: فلتصنع العرب ما شاءت، فليس لها أحد ينهاها. وفي قتله يقول شاعرهم عمران بن حطّان الخارجيّ:
يا ضربةَ من تقي ما أراد بها ... إلاَّ ليبلغ من ذي العرش رضوانًا
إني لأذكره حينًا فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانًا
فأجابه أبو بكر بن حماد معارضًا له في ذلك بقوله:
قُل لابن ملجم والاقدارُ غالبةٌ ... هدمت، ويلك للإِسلام أركانا
قتلتَ أفضل من يمشي على قدمٍ ... وأول الناس إسلامًا وإيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثم بما ... سنّ الرسولُ لنا شرعًا وتبيانا
صهر النبي ومولاهُ وناصِرهُ ... أضحت مناقبه نورًا وبُرهانا
وكان منهُ على رُغم الحسودِ له ... ما كان هارونُ من موسى بن عمرانا
وكان في الحرب سيفًا صارمًا ذكرًا ... ليثًا إذا لُقي الاقران أقرانا
ذكرتُ قاتِلَهُ والدّمعُ مُنحدِرُ ... فقلتُ سبحانَ ربّ العرش سبُحانا
إني لأحبهُ ما كانَ من بشرٍ ... يَخشى المعادَ ولكن كان شيطانا
أشقى مراد إذا عُدَّت قبائلها ... وأخسر الناس عند الله ميزانا
كعاقر النّاقة الأولى التي جُلبت ... على ثَمودَ بأرض الحِجْر خُسرانا
قد كان يخُبرنا أن سوف يخضبها ... قبل المنية أزمانًا فأزمانا
فلا عَفى الله عنه ما تحمَّله ... ولا سقى قبر عمران بن حطانا
لقوله في شقيّ ظلَّ مجُترِ مًا ... ونالَ ما نالَه ظلمًا وعُدوانا
يا ضربة من تقي ما أرادَ بها ... إلاَّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا
بَل ضربةٌ من شقي أورثتْهُ لظىً ... وسوف يلقى بها الرحمن غضبانا
كأَنه لم يرِدْ قصدًا بضربتِهِ ... إلا ليصلى عذابَ الخُلد نيرانا
وقال بعض الشعراء في قطام
فلم أر مهرًا ساقهُ ذو سماحة ... كمهرِ قُطامٍ من فصيحٍ واعجم
ثلاثة آلافٍ وعبد وقينة ... وضربُ عليّ بالحسام المسمم