صفة أخذ ابن ملجم، فلما أخذ قال علي رضي الله عنه: احبسوه، فإن مت، فاقتلوه ولا تمثلوا به، وإن لم أمت فالأمر إلى في القصاص وعدمه. واختلف أيضًا هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها، وهل استخلف من أتم بهم الصلاة أو أتمها هو، والأكثر أنه استخلف جَعْدَة بن هبيرة، فأتمها بهم.
وقد روي عن صُهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "من أشقى الأولين؟ قال: الذي عقر الناقة؟ يعني ناقة صالح، قال: صدقت. فمن اشقى الآخرين؟ قال: لا أدري. قال: الذي يضربك على هذا، يعني يافوخة، حتى يخضب هذه، يعني لحيته. وكان علي رضي الله عنه يقول: والذي فلق الحبَّة وبرَأَ النَّسمة لتُخضبَن هذه، يعني لحيته، من هذا يعني رأسه، وجاء عبد الرحمن بن ملجم يستحمله فحمله ثم قال:
أريد حياتَه ويريدُ قتلي ... عزيرك من خليلك من مراد
أما إنّ هذا قاتلي، قيل له: فما يمنعك منه؟ قال: إنه لم يقتلني بعد. وكان كثيرًا ما يقول: ما يمنع أشقاها، أو ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من دم هذا، والله لتخضبن خضاب دمٍ لا خضاب عطرٍ وعبير.
وقيل له: إن ابن مُلْجم يسمُّ سيفه يقول: إنه سيفتك بك فتكة يتحدث بها العرب، فبعث إليه فقال له: لم تسمُّ سيفك؟ فقال: لعدوي وعدوك، فخلى عنه. وقال: ما قتلني بعد. وروي عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه سمع أباه في ذلك السحر يقولُ له: يا بني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة في نومة نمتها، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم، ماذا لقيت من أمتك من الاود واللَّدَدَ؟ فقال: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرًا منهم، وأبدلهم مني من هو شر مني. ثم انتبه، وجاءه مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره رجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما أحدهما فضربه على رأسه. وكان قتادة رضي الله عنه يقول: قُتل علي رضي الله عنه على غير مال احتجبه