أردت: تبلغ شفاء نفسي، ويهنك العيش معي، وإن قُتلت فما عند الله تعالى خيرٌ من الدنيا وما فيها. فقال لها لك ما اشترطت. فقالت له: إني سألتمس من يشد لك ظهرك، فبعثت إلى ابن عم لها يقال له وَرْدان بن مجاهد، فأجابها ولقي ابن ملجم شبيب بن نُجْيرة الأشجعيّ فقال له: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما هو؟ قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب. فقال له: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئًا إدًّا، كيف تقدر على ذلك؟ قال: إنه رجلٌ لا حرس له، ويخرج إلى المسجد منفردًا ليس له من يحرسه، فنكمن له في المسجد، فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا، وإن قتلنا سعدنا بالذكر في الدنيا وبالجنة في الآخرة. فقال له: ويلك إن عليًا ذو سابقة في الإِسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم، والله ما ينشرح صدري لقتله. فقال له: ويحك إنه حكَّم الرجال في دين الله عَزَّ وَجَلَّ، وقتل إخواننا الصالحين، فنقتله ببعض من قتل فلا تشكن في دينك، فأجابه وأقبلا حتى دخلا على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم، في قبة ضربتها لنفسها، فدعت لهم، وأخذوا سيوفهم وجلسوا قبالة السِّدَّة التي يخرج منها علي رضي الله عنه، فخرج لصلاة الصبح فبدره شبيب فضربه، فأخطأه وضربه ابن ملجم على رأسه، وقال: الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك، فقال علي رضي الله عنه: فزتُ ورب الكعبة لا يفوتنكم الطلب. فشد الناس عليه من كل جانب، فأخذوه وهرب شبيبٌ خارجًا من باب كندة وكان قتله في ليلة السابع عشر من شهر رمضان صبيحة يوم الجمعة سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهرٍ ونصف شهر, لأنه بويع بالخلافة بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين.

وكانت وقعة الجمل في جمادى سنة ستٍ وثلاثين. ووقعة صفين سنة سبعٍ وثلاثين ووقعة النَّهروان مع الخوارج في سنة ثمانٍ وثلاثين، ثم أقام سنتين يحرض على قتال البغاة، فلم يتهيأ ذلك إلى أن مات. واختلف في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015