الأعراب، ومنهم من يشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغًا، وهو مردودٌ أيضًا؛ لأنه مخرج، مثل الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ونحوه من أحداث الصحابة.
وقول البخاري: من المسلمين، قَيْد يخرج به مَنْ صَحِبه أو مَنْ رآه من الكفار، فأما من أسلم منهم بعد موته فإن كان قوله "من المسلمين" حالًا، خرج مَنْ هذا صفته، وهو المعتمد.
ويَرِدُ على التعريف من صحبه أو رآه مؤمنًا به ثم ارتد بعد ذلك، ولم يعد إلى الإِسلام، فإنه ليس صحابيًا اتفاقًا، فينبغي أن يُزاد فيه: ومات على ذلك.
وقد وقع في مسند أحمد حديث ربيعة بن أمية بن خَلَفٍ الجُمَحِىّ، وهو ممن أسلم في الفتح، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، وحدَّث عنه بعد موته، ثم لحقه الخِذْلانُ، فلحِق في خلافة عمر بالروم، وتنصَر بسبب شيء أغضبه، وإخراج حديث مثل هذا مشكل، ولعل من أخرجه لم يقف على قصة ارتداده والله تعالى أعلم. فلو ارتد ثم عاد إلى الإِسلام لكن لم يره ثانيًا، بعد عوده؛ فالصحيح أنه معدود في الصحابة، لإطباق المحدثين على عدّ الأشعثِ بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك فيهم، وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد.
وقال العراقي: إن في ذلك نظرًا كبيرًا، فإن الردة مُحبطة للعمل عند أبي حنيفة، ونص عليه الشافعي في "الأم" وإن كان الرافِعي قد حكى عنه: أنها إنما تَبطُل بشرط اتصالها بالموت، وهو المعتمد عند الشافعية؛ وحينئذ فالظاهر أنها محبطة للصحبة المتقدمة.
قلت: يعني على ما في "الأم" لا على ما للرافعي، فتأمل.
ثم قال: والجواب عن هذا أنها محبطة لثوابها، لا لعملها الذي هو الصحبة أو الرؤية، فيُعتَدُّ به في عدِّه صحابيًا، وتخريج أحاديثه في المسانيد، كما يُعتد بما فعله المسلم قبل ردته من صلاة وزكاة وصيام