الأركان، والسببية صادقة مع الشرطية، وهو واضح لتوقف المشروط على الشرط، ومع الركنية، لأنّ بترك جزء من الماهية تنتفي الماهيّة، والحق أن إيجادها في أول الفعل ركن، واستصحابها حكمًا بأن تعرى عن المنافي شرط كإسلام الناوي، وتمييزه وعلمه بالمَنْوِيّ، وليس المراد بنفي الأعمال إلا بالنية نفي ذات العمل، لأنه حاصل بدون نية، وإنما المراد نفي صحته، أو كماله، على اختلاف التقديرين كما مر، وإنما عدل في الحديث عن لفظ الأفعال إلى الأعمال، لأنّ الفعل هو الذي يكون زمانه يسيرًا، ولم يتكرر، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] وتبين كيف فعلنا بهم، حيث كان إهلاكهم في زمان يسير، لم يتكرر، بخلاف العمل، فإنه الذي يوجد من الفاعل في زمان مديد بالاستمرار والتكرار، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البروج: 11] طلب منهم العمل الذي يدوم ويستمر ويتجدد كل مرة بعد مرة، لا نفس الفعل، قال الله تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61] ولم يقل: يفعل الفاعلون، فالعمل أخص، فلأجل هذا قال: الأعمال، ولم يقل: الأفعال، لأنّ ما ينذُرُ من الإِنسان، لا يكون بنية؛ وأما الذي يدوم ويتكرر فهو الذي تُعتبر فيه النية.
ولا بد في النية من معرفة خمسة أشياء: حكمها، ومحلها، وفائدتها، ووقتها، وشرطها.
أما حكمها فهو الوجوب.
وأما محلها، فهو القلب. ولا يكفي النطق مع الغفلة، وعند المالكية يكره النطق إلا في حق الموسوس وعند الشافعية يستحب ليساعد اللسان القلب، وفائدتها تمييز العبادة عن العادة، وتمييز رتبتها.
ووقتها أول الفرض، كغسل أول جزء من الوجه في الوضوء، وإنما لم يوجبوا المقارنة في الصوم لعسر مراقبة الفجر.