في التيمم. نعم بين العلماء اختلاف في اقتران النية بأول العمل، كما هو معروف في كتب الفقه، والظاهر أن الألف واللام في النيات معاقبة للضمير، والتقدير الأعمال بنياتها، وعلى هذا فيدل على اعتبار نية العمل من كونه مثلًا صلاة أو غيرها، ومن كونها فرضًا أو نفلًا، ظهرًا مثلًا أو عصرًا، مقصورة أوغير مقصورة، وهل يحتاج مثل هذا إلى تعيين العدد؟ فيه بحث، والراجح الاكتفاء بتعين العبادة التي لا تَنْفَكُّ عن العدد المعين، كالمسافر مثلًا ليس له أن يقصر إلا بنية القصر، لكن لا يحتاج إلى نية ركعتين، لأنّ ذلك هو مقتضى القصر، وقيل: لا حاجة إلى إضمار شيء من الصحة أو الكمال إذ الإضمار خلاف الأصل، وإنما المراد حقيقة العمل الشرعي، فلا يحتاج حينئذ إلى إضمار وإنما احتيج إلى التقدير، لأنّ الجار لا بد له من متعلق محذوف هنا، هو الخبر على الأصح، فينبغي أن يجعل المقدر في ضمن الخبر، فيستغنى عن إضمار شيء في أول الكلام، لئلا يصير في الكلام حذفان، حذف المبتدأ أولًا، وحذف الخبر ثانيًا والتقدير إنما صحة الأعمال كائنة بالنيات، لكن قال البرْماوِيّ: إن هذين الحذفين أولى من الحذف الواحد، لأنّ الحذف الواحد كون خاص، وحذف الكون الخاص غير مَقِيس، بل ممتنع إن لم يدُلَّ عليه دليل، وحذف الكون المطلق مَقيس، وحذف المضاف كثيرٌ، وارتكاب حَذْفَين بكثرة وقياس أولى من حذف واحدٍ بقلةٍ وشذوذ، وما قاله هو الوجه المَرْضي، ويشهد له ما قرروه في حذف خبر المبتدأ بعد لولا من الكون العام دون الخاص.
والباء في "بالنيات" تحتمل المصاحبة والسببية، أي ثابت ثوابها بسبب النيات بمعنى أنها مُقوِّمة للعمل، فكأنها سبب في إيجاده، وعلى الأول فهي من نفس العمل، فيشترط أن لا تتخلف عن أوله، ويظهر أثر ذلك في أن النية شرط أو ركن والأشبه عند الغَزاليّ أنها شرط، لأنّ النية في الصلاة مثلًا تتعلق بها، فتكون خارجة عنها، وإلا لكانت متعلقة بنفسها، وافتقرت إلى نية أخرى، والأظهر عند الأكثرين أنها من