من قال: إن المؤمن الميت ينقطع نفعه بالموت زيغ وبهتان وافتراء.
وأما من زعم أن موقع التشبيه بين المسلم والنخلة من جهة كون النخلة إذا قطع رأسها ماتت، أو لأنها لا تحمل حتى تلقح، أو لأنها تموت إذا غرقت، أو لأن لطِلْعها رائحة منْي الآدمي، أو لأنها تعشق، أو لأنها تشرب من أعلاها، فكلها أوجه ضعيفة، لأن جميع ذلك من المشابهات مشترك في الآدميين، لا يختص به المسلم.
وأضعف من ذلك قول من زعم أن ذلك لكونها خُلقت من فَضْلة طين آدم، فإن الحديث في ذلك لم يثبت، ولأنه، أيضًا، لا يختص بالمسلم.
وقوله: لا تحمل حتى تلقْح، الصواب أن يقول، لا يصلح ثمرها حتى تَلْقح، لأن تلقيحها لا يكون إلا بعد ولادتها. وقوله: قال عبد الله "ووقع في نفسي أنها النخلة: عبد الله هو ابن عمر، والنخلة، بالرفع، خبر أن، بفتح الهمزة، لأنها فاعل وقع. بيَّن أبو عُوانة في صحيحه عن ابن عمر وجه ذلك الوقوع، قال: فظننت أنها النخلةُ من أجل الجُمَّار الذي أتى به وفيه إشارة إلى أن المُلْغَز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال، وأن المُلْغِز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية، بحيث لا يجعل للمُلْغِزله بابا يدخل منه، بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه. وقوله: "فاستحييتُ" زاد في رواية مجاهِد في باب اللهم في العلم "فأردتُ أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم" وله في الأطعمة "فإذا أنا عاشر عشرة، أنا أحْدَثُهم". وفي رواية نافع "ورأيتُ أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهتُ أن أتكلم فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه" وفي رواية مالك عند المؤلف في باب الحياء في العلم قال عبد الله: "فحدثتُ أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكونَ قلتها أَحب إلى من أن يكون لي كذا وكذا". زاد ابن حبان في صحيحه: أحسبه قال: حُمر النَّعَم.
وفي رواية البزَّار عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه