وسلم، فذكر هذه الآية، فقال: "أتدرون ما هي؟ " قال ابن عمر: لم يَخْفَ عليَّ أنها النخلة، فمنعني أنْ أتكلم مكانُ سني. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "هي النخلة".
ويجمع بين هذا وبين ما تقدم، أنه صلى الله تعالى عليه وسلم، أتى بالجُمَّار، فشرع في أكله تالياً للآية، قائلا: "إن من الشجر شجرة" إلى آخره.
وفي هذا الحديث من الفوائد، غير ما تقدم، امتحانُ العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم، إن لم يفهموه. وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، "أنه نهى عن الأُغلوطات"، قال الأوزاعي، أحد رواته: هي صعابُ المسائل. فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه، أو ما خرج على سبيل تعنت المسؤول، أو تعجيزه.
وفيه التحريض على الفهم في العلم. وقد بوب له المؤلف باب الفهم في العلم.
وفيه استحباب الحياء ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت، وقد بوّب عليه المؤلف في العلم والأدب.
وفيه دليل على بركة النخلة، وما تثمره وقد بوّب عليه المصنف أيضًا.
وفيه دليل على أن بيع الجُمّار جائز، لأن كل ما جاز أكله جاز بيعه، ولهذا بوّب عليه المؤلف في البيوع، وتعقبه ابن بَطّال لكونه من المُجْمع عليه، وأجيب بان ذلك لا يمنع من التنبيه عليه، لأنه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار، حتى يبدو صلاحها فكأنه يقول: لعل متخيلًا يتخيل أن هذا من ذاك، وليس كذلك.
وفيه دليل على جواز تجمير النخل، وقد بوّب عليه في الأطعمة لئلا يظن أن ذلك من باب إضاعة المال، وأورده في تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: 24]. إشارة منه إلى أن المراد بالشجرة النخلة.