قَالَ: وَسَلَّتْ بَنُو حَنِيفَةَ سُيُوفَهَا مِنْ أَجْفَانِهَا وَأَبْرَقُوا بِهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ ضَجُّوا ضَجَّةً، وَنَفِرُوا نَفْرَةً مُنْكَرَةً، فَقَالَ خَالِدٌ: أَيُّهَا الْقَوْمُ، أَبْشِرُوا، فَإِنَّ الْقَوْمَ مَخْذُولُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا سَلُّوا هَذِهِ السُّيُوفَ لِيُرْهِبُوكُمْ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ إِلا جَزَعًا وَفَشَلا. قَالَ: فَسَمِعَ رَجُلٌ من بني حنيفة فقال: (هيهات والله يا ابن الْوَلِيدِ، وَلَكِنْ أَبْرَزْنَاهَا لَكُمْ مِنْ أَغْمَادِهَا لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا لَيْسَتْ كَسُيُوفِكُمُ الْخَشِنَةِ الْكَلِيلَةِ) .
قَالَ: وَدَنَا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَتَقَدَّمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي أَوَائِلِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ [1] :
(مِنْ مَشْطُورِ الرَّجَزِ)
1- لا تُوعِدُونَا بِالسُّيُوفِ الْمُبْرَقَهْ ... 2- إِنَّ السِّهَامَ بِالرَّدَى مُفَوَّقَهْ [2]
3- وَالْحَرْبُ خُلْوٌ مِنْ عِقَالٍ مُطْلَقَهْ [3] ... 4- لا ذَهَبَ يُنْجِيكُمْ وَلا رِقَهْ [4]
5- وَخَالِدٌ مِنْ دِينِهِ عَلَى ثِقَهْ
ثُمَّ حَمَلَ سَاعَةً وَرَجَعَ. وَتَقَدَّمَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ [5] وَفِي يَدِهِ صفيحة يمانية، وهو يرتجز ويقول: