سمع خلائق، وعدة شيوخه ألف وثلاث مئة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة، وارتحل إلى العراق، ومكة، والمدينة، وارتحل إلى بلاذ العجم، فسمع بأصبهان، ونيسابور، ومرو، وتبريز، وميهنة، ويبهق، وخسروجرد، وبسطام، ودامغان، والري، وزنجان، وهمذان، وأسداباذ، وجي، وهراة، وبون، وبغ، وبوشنج، وسرخس، ونوقان، وسمنان، وأبهر، ومرند، وخوي، وجرباذقان، ومشكان، وروذراور، وحلوان، وأرجيش.
وسمع بالأنبار، والرافقة، والرحبة، وماردين، وماكسين، وغيرها من البلاد الكثيرة، والمدن الشاسعة، والأقاليم المتفرقة، لا ينفك نائي الدار، يعمل مطيه في أقاصي القفار، وحيدا لا يصحبه إلا تقى اتخذه أنيسه، وعزم لا يرى غير بلوغ المآرب درجة نفيسة.
وقال شيخه الخطيب أبو الفضل الطوسي: ما نعرف من يستحق هذا اللقب اليوم سواه، يعني لقب (الحافظ). وقال ابن النجار: هو إمام المحدثين في وقته، ومن انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان، والمعرفة التامة بعلوم الحديث، والثقة والنبل، وحسن التصنيف والتجويد، وبه ختم هذا الشأن.
قال ابن النجار: وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن الأمين، يقول: كنت يوما مع الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبي سعد بن السمعاني، نمشي في طلب الحديث ولقاء الشيوخ، فلقينا شيخا، فاستوقفه ابن السمعاني ليقرأ عليه شيئا، وطاف على الجزء الذي هو سماعه في خريطته، فلم يجده وضاق صدره، فقال له ابن عساكر: ما الجزء الذي هو سماعه؟ فقال: كتاب ((البعث والنشور)) لابن أبي داود، سمعه من