لهذا العنوان الصغير أطراف كثيرة وكبيرة من المعاني والمواضيع، تتجاذب الكلام فيها، فللزمن قيمة عند الفلاسفة غير قيمته عند التجار، وغيرها عند الزراع، وغيرها عند الصناع، وغيرها عند العسكريين، وغيرها عند السياسيين، وغيرها عند الشباب، وغيرها عند الشيوخ، وغيرها عند طلبة العلم وأهل العلم.
وأخص بحديثي (قيمة الزمن) عند طلبة العلم وأهل العلم فحسب، رجاء أن يكون ذلك حافزا لهمم أصحاب العزائم من شبابنا طلاب العلم، في هذه الأيام التي فترت فيها همم الطالبين، وتقاعست غايات المجدين، وندر فيها وجود الطلبة المحترقين بالعلم، فمات النبوغ وساد الكسل والخمول، وبرز من جراء ذلك الضعف والتأخر في صفوف أهل العلم وآثارهم، فأقول:
إن نعم الله تعالى على عباده كثيرة لا تحصى، ولا يمكن للبشر أن يحصوها أو يدركوها على حقيقتها، وذلك لكثرتها، واستمرارها، ويسرها، وتتابع إنعام الله بها، وتفاوت مدارك الناس بها؛ وصدق الله العظيم إذ يقول: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) (?).