أوسطها وفي قوله: ألاّ تعدلوا ثلاثة أوجه: تعدلوا تجوروا وهو أحسنها وأحبها إلي لأنه يواطئ قوله تعالى: (فإنْ خِفْتُمْ أن لاّ تَعْدِلُوا) النساء: 3، لأن العدل ضد الجور فعطف عليه فقال: (ذِلك أدْنى ألاّ تَعُولُوا) النساء: 3، أي تجوروا من العدل. والعرب تقول: عال يعول عولاً إذا جار، والوجه الثاني: ألاّ تعولوا تفتقروا من العيلة وهي الفقر يقال: عال يعيل عيلة وأعاله إذا افتقر ومنه قوله: (إن خِفْتمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنيكُمُ الله) التوبة: 28، ومع العيال الفقر لا محالة، والوجه الثالث: تعولوا تكثر عيالكم فيكون المعنى لذلك أقرب أن لا يكثر من تعولونه، وحذفت الهاء التي هي اسم العيال وهذا مذهب لبعض أهل الحجاز يرجع إلى قوله: عال الرجل عياله، يعولهم مثل مانهم يمونهم ومارهم يميرهم وصانهم يصونهم، فيكون مشتقاً من لفظ العيال والأولان أجود وأشهر والله سبحانه ما افترض النكاح ولا العزبة، كما لم يوجب الأربع من النسوة وافترض صلاح القلب وسلامة الدين وسكون النفس والدخول في الأوامر عند الحاجة إليها. فمن كان صلاحه في التزويج فهو أفضل له، ومن كان استقامته وسكون نفسه عند الأربع فجائز له طلب السكون وصحة الحال مع القيام بالأحكام، ومن وقعت كفايته بواحدة فالواحدة أصلح وأفضل لأنها
إلى السلامة أقرب، ومن كان صلاح حاله واستقامة قلبه وسكون نفسه في العزبة فذلك له أسلم، والإسلام لمثله في زماننا هذا أفضل إذا لهذا يراد النكاح فإن وجد لم يضر فقده. ى السلامة أقرب، ومن كان صلاح حاله واستقامة قلبه وسكون نفسه في العزبة فذلك له أسلم، والإسلام لمثله في زماننا هذا أفضل إذا لهذا يراد النكاح فإن وجد لم يضر فقده.
ولعمري أنا إذا قلنا إنّ في الدين طريقين: طريق عزيمة وطريق رخصة، فإنه في النكاح أيضًا لأنه من الدين، وفي تركه يكون لأجل الدين طريقان: طريق الأقوياء وهم أهل النكاح، والصبر على أحكامه، وعلى معاشرة النساء، وطريق آخر للأقوياء بالصبر عنهن ووجود العصمة منهن والتفرّغ للآخرة وكفى بها شغلاً، وطريق آخر من وجود الوسوسة وخوف العنت لقوة الطبع وضعف الحال بوجود الاختلاط، فيبدأ بالنكاح طلبًا للاستقامة والصلاح. وقد كان الثوري رحمه الله تعالى يقول:
يا حبذا العزبة والمفتاح ... ومسكن تخرقه الرياح
لا صخب فيه ولا صياح
ولله الأمر من قبل ومن بعد والحمد لله وحده.