بالشهوة لم يحتج إلى توقف وليس يخفي سبقها بالشهوة على فطن. وأوفق ما يكون الجماع بينهما إذا اتفقت الشهوتان منهما معًا، وأكثر ما يكون التباغض بين الزوجين لاختلافهما من طبع الإنزال أن يكون طبعه سابقًا لطبعها أيضًا.
قود كان بعض العلماء من الأدباء لا يتأخر عن المرأة حتى يستأمرها في ذلك، وينبغي أن يعلمها لأن المرأة إذا بلغت واحتلمت يجب عليه الغسل كما يجب على الرجل، فإنّ في ذلك سنة لأن أم سليم سألت عن ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر بذلك قال: نعم، النساء نساء الأنصار لا يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وإذا كانت المرأة حائضاً ائتزرت بمئزر صغير من حقويها إلى أنصاف الفخذين وكان له المتعة بجميع جسدها كيف شاء إلاّ تحت المئزر، وهذا مذهب فقهاء الحجاز وهو أحب الوجهين إليّ، وبعض علماء أهل العراق يجوز من الحائض المباشرة لما تحت خلا الفرجين، ولا يعجبني هذا ولا حرج عليه من الاستمتاع ببدنها، وأستحب للرجل إذا دخل في لحافها أن يأتزر بحقو صغير يكون في وسطه وهو المئرز لئلا يتجرد عريانًا، فإنّ هذا من الأدب. ويضاجع الرجل الحائض كيف شاء وتناوله ما شاء، أو يؤاكلها ولا يجانبها في شيئ من الأشياء إلاّ الجماع في الفرج إتفقوا عليه واختلفوا فيما دونه. فذكر أهل الحجاز كما ذكرناه آنفًا وهو استحباب، واتفقوا على تجويز ما فوق المئزر من السرر إلى أنصاف الفخذين، فينبغي للمتزوّج أن يعرف حكم الطلاق، فإن عرض عليه طلاق طلق واحدة واحدة في طهر لا جماع فيه، لأن التطليقة الواحدة إذا انقضت عدة المرأة منها بحيض أو أشهر تعمل عمل التحريم بالثلاث سواء، إلاّ أنه يربح في التطليقة الواحدة أربع خصال: أحدها موافقة الكتاب والسنّة من قوله عزّ وجلّ: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) الطلاق: 1، وفي قراءة عمر وابن عباس رضي الله عنهم بيان ذلك: فطلقوهن لقبل عدتهن فقد دل أنّ الأقراء هي الأطهار، وكذلك هو عندي. وإن تكافأ ذلك في اللغة وتساوى في المعاني بأن يكون الحيض أيضاً. والثانية تيسير العدة عليها وسرعة خروجها منها، فخروجها من الطلاق محتسب من الطهر الذي طلقها فيه من غير جماع قرأ، فتستعجل الخروج من العدة لأنها من حدود الله عزّ وجلّ، ويربح أيضاً هو أنه ندم على طلاقها كان له رجعتها في العدة من غير إحداث عقد ثان ولا مهر آخر، وإن أحب رجعتها بعد انقضاء العدة كان له تزويجها ثانية من غير زوج ثان تحدثه، وهذا كله معدوم مع الثلاث دفعة واحدة وموجود فيه التحريم، وإن ندم لم يجعل الله له مخرجاً لأنه لا تحل له إلاّ بعد، زوج ويخسر العبد خروج المرأة من يده فإن ابتلى بهواها يحتاج أن ينتظر فراغ الزوج الثاني أو التجأ أنْ يعمل في تزويجها لغيره، فيكون محلّلاً لنفسه ومفسد النكاح الثاني بالتحليل فيقع في ثلاث معان من المعاصي.