إنها لا تكون موؤودة إلاّ بعد سبع ثم تلا قوله عزّ وجلّ: (وإذا المَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ) التكوير: 8، أنها ذكرت بعد سبع ثم تلا قوله عزّ وجلّ آية تنقيل الخلقة: (وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنسانَ مِنْ سُلالَةِ مِنْ طينٍ) المؤمنون: 12. ثم جعلناه نطفة إلى قوله ثم أنشأناه خلقًا آخر أي نفخ الروح فيه قال: فلا يكون موؤودة مقتولة إلاّ بعد هذه السبع الخصال، ولأن الله عزّ وجلّ ذكرها في كوّرت بعد سبع معان ثم جمع بينهما في الفهم فاستنبط ذلك، وهذا من دقيق العلم وغامض الفهم ولطيف الاستدلال الذي تفرد به عليه السلام لثقوب علمه ونفاذ فطنته وخفي استدلاله، فلا يجامعهن حتى يطهرن. فإذا تطهرن يعني بالماء ويكره الجماع مستقبل القبلة لحرمة القبلة. وفي الخبر، إذا جامع أحدكم أهله فلا يتجرّدا تجرد العيرين يعني الحمارين. وروينا أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جامع غطى رأسه وخفض صوته وقال للمرأة: عليك السكينة، ومن جامع مرة وأراد العود فليغسل فرجه قبل ذلك، فإن احتلم فلا يجامع حتى يغسل فرجه أو يبول، فإن جامع بعد الاحتلام من غير غسل خيف على ولده إن كان من جماعة أنْ يصيبه لمم من الشيطان.
ويكره له الجماع في ثلاث ليال من الشهر: في أول ليلة وفي آخر ليلة وفي ليلة النصف.
يقال إنّ الشيطان يحضر الجماع في هذه الليالي وقيل إنّ الشياطين يجامعون فيها، وروي عن عليّ عليه السلام كراهة ذلك وأبي هريرة ومعاوية رضي الله عنهما. ومن العلماء من كان يستحب الجماع في يوم الجمعة لأحد التأويلين من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من غسل واغتسل أي غسل أهله. ويكره الجماع في أول الليل لئلا ينام على غير طهارة، فإن الأرواح تعرج إلى العرش فما كان منها طاهرًا أذن له في السجود، وما كان جنبًا لم يؤذن له. والرؤيا أيضًا على طهارة من غير جنابة، وعلى وضوء أصح وأفضل إلاّ أنْ يغتسل ثم ينام فإن لم يغتسل وجامع فلا ينام ولايطعم حتى يتوضأ وضوءه للصلاة. وقد جاء رخصة في النوم بعد الجماع من غير أنّ يمس ماء، فعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أكره أنْ يحلق الرجل رأسه أو يقلم ظفره أو يستحد أو يتورّى ويخرج دمًا وهو جنب، فإن العبد يرد إليه جميع شعره وظفره ودمه يوم القيامة، فما سقط منه من ذلك وهو جنب رجع إليه جنباً. وقيل: طالبته كل شعرة بجنابتها.
وقد روينا معنى هذا في حديث مقطوع موقوف عن الأوزاعي ويحيى بن كثير قال الأوزاعي: قد كنا نقول: لا بأس أن يطأ الجنب، حتى سمعنا بهذا الحديث والنص فيه على النهي أن يطأ الرجل جنبًا، ولا يحل للرجل من امرأته إلاّ الفرج لا غير على أي حال شاؤوا من جامع، فليتمهل على أهله وليتوقّف حتى تقضي هي نهمتها كما قضى هو نهمته. فربما أخر انزال المرأة بعد الرجل فيكون ذلك كريهًا إليها، فإن علم أنها قد سبقت