وهذا أحد ما كان الحسن يشبه فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يشبهه في الخلق والخلق فقد قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أشبهت خلقي وخلقي، وقال حسن: مني وحسين: من عليّ، وكان الحسن ربما عقد على أربعة وربما طلق أربعاً فأرسل غلامه بطلاق امرأتين لهما وقال: قل لهما: اعتدا، وأمر له أنْ يدفع إلى كل واحدة عشرة آلاف درهم ففعل، فلما رجع إليه قال: ماذا قالتا فقال له الرسول: أما احداهما فنكست رأسها وسكتت، وأما الأخرى فبكت وانتحبت وسمعتها تقول:

متاع قليل من حبيب مفارق

فأطرق ورحم لها ثم قال: لو كنت مراجعاً امرأة لراجعتها، ودخل على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فخطب ابنته فقال: إنك لأحب الناس إلي، ولكنك مطلاق وأكره أنْ يتغير قلبي عليك، فإن ضمنت أنك لا تفارقها فعلت، فسكت ثم اتكأ على بعض أصحابه ثم قال: ما أراد عبد الرحمن إلاّ أنْ يجعل ابنته طوقاً في عنقي، وقد روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ الله عزّوجلّ يحب النكاح ويبغض الطلاق، فانكحوا ولا تطلقوا، وهذا لا يصلح لمن أراد أكثر من أربع، وتزوّ ج المغيرة بن شعبة بثمانين امرأة، وقد كان في الصحابة من له الثلاث والأربع، وكثير منهم لا يحصى كانت له اثنتان لا يخلو منهما، ويقال: إنّ كثرة النكاح من شدة غض البصر وقطع المشي في الأثر، إذا خشع الطرف وقصر عن الحرام وانقطع المشي على الأرض غاض البصر والنفس فاتسع في الحلال، وذلك أنّ للنفس استراحات إلى ما جانسها، هو فتورها عن الذكر، فاستراحات نفوس المتّقين إلى المباح من ذلك قوله عزّ وجلّ: (لِيَسْكُنَ إلَيْهاَ) الأعراف: 189، وهذا سكون النفس إلى الجنس لما تلائمه من الصفات المجانسة، وهو أحد المعاني في قول عليّ عليه السلام: روحوا القلوب يعني، في الذكر قيل: روحوها باستراحة النفس إلى المباح، يعني ذكر الآخرة لأن الذكر أثقال وهو بمعنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ لكل عالم شرهاً وفترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، والشره المكابدة والفترة الوقوف والاستراحة، وقد كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إني لأستجم نفسي بشيء من اللهو فأقوى بذلك فيما بعد على الحق، وقد كان النساء قديماً على غير وصفهن الآن، كان الرجل إذا خرج من منزله تقول له امرأته: يا هذا وتقول له ابنته: يا أبانا، لا تكسب اليوم شيئاً من غير حله فيدخلك النار، فنكون نحن سببه، فإنّا نصبر على الجوع والضر ولانكون عقوبة لك، وأراد رجل من السلف أنْ يغيب عن أهله في غزوة، فكره إخوانه ذلك لأنسهم به فجاؤوا إلى أهله فقالوا: لِمَ تتركين زوجك يسافر ولا يدع لك نفقة، ويغيب عنك ولا تدرين متى يقدم فقالت: زوجي منذ عرفته أكال وما عرفته قط رزّاقاً، يذهب الأكال ويبقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015