وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من مات له اثنان من الولد، فقد احتظر له بحظار من النار، وفي خبر آخر: من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث أدخله الله عزّ وجلّ الجنة، بفضل رحمته إياهم قيل: يا رسول الله، فاثنان قال: واثنان، وكان بعض الصالحين يعرض عليه التزويج فيأباه برهة من دهره قال: فانتبه من نومه ذات يوم فقال: زوجوني فسئل عن ذلك فقال: لعل الله يرزقني ولداً أو يقبضني، فيكون مقدمة لي في الآخرة، ثم حدث عن سبب ذلك فقال: رأيت في نومي كأن القيامة قد قامت، وكنت في جملة الخلائق في الموقف، وبي من العطش ما كاد أن يقطع عنقي، وكذلك الخلائق في شدة العطش من الحر والشمس والكرب قال: فبينما نحن كذلك، إذا الولدان يتخللن الجمع، عليهم مناديل من نور وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب وهم يسقون الواحد بعد الواحد، ويتخللون الجمع ويجاوزون أكثر الناس قال: فمددت يدي إلى أحدهم فقلت: اسقني شربة فقد أجهدني العطش فقال: ليس لك فينا ولد إنما نسقي آباءنا فقلت: وما أنتم فقالوا: نحن من مات، من أطفال المسلمين.
وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خير نسائكم الودود الولود، وروي أيضاً: حصيرة في البيت خير من امرأة لا تلد، وروي أيضاً: سوداء ولود خير من حسناء لا تلد، هذا كله لأجل هذا، وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من رغب عن سنتي فليس مني وإنّ من سنتي النكاح، ومن أحبني فليستن بسنتي ويقال: إنّ الله تعالى لم يذكر في كتابه من الأنبياء إلاّ المتأهلين وهم خمس وثلاثون، وقد ذكرنا آنفًا أنّ يحيى عليه السلام قد تزوّج، وأما عيسى عليه السلام فإنه سينكح إذا نزل من السماء ويولد له، وقد قيل إنّ فضل المتأهل على العزب كفضل المجاهد على القاعد، وإنّ ركعتين من متأهل أفضل من سبعين ركعة من أعزب، وقال الله تعالى في وصف الرسل ومدحهم: (وَلَقدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) الرعد: 38، فعدّ الأزواج والذرية من مدحهم وذكرها في وصفهم، وكذلك ألحق بهم أولياءه في المدح والفضل في قوله عزّ وجلّ: (وَالَّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) الفرقان: 74، فسألوا الله عزّ وجلّ من فضله، وكل ما ذكرناه من فضل النكاح يشترك في فضل ذلك النساء، بل هو لهن أفضل وأثوب لسقوط المكاسب عنهن، وقد أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المرأة بالتزوج وندبها