إليه، وأخبر بفضل الرجل وفضل المتزوجة على العزباء في غير حديث، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لعن الله المتبتلين من الرجال الذين يقولون: لا نتزوج، لعن الله المتبتلات من النساء اللاتي يقلن: لا نتزوج بعد ما ذكر من عظيم حق الرجل على المرأة وثقل واجبه حتى قالت المرأة إذاً لا أتزوج إذاً قال: بل تزوجي، فهو خير، والأخبار في فضل النكاح للزوجين معًا أكثر، وليس مذهبنا الإطالة والإكثار في الجمع، وقد ندب الله تعالى إلى النكاح في قوله تعالى: (فَاْتُوا حَرْثَكُمْ أنّى شِئْتُمْ) البقرة: 223، وفي أنّى ثلاث، معان: معنيان منها هنا يكون أنّى بمعنى كيف شئتم من ليل أو نهار، فكيف شئتم مقبلة أو مدبرة، وبين ذلك بعد أنْ يكون في موضع الحرث، وقد يكون أنّى في موضع آخر بمعنى أين، ولا يصلح هذا الوجه ههنا ثم قال عزّ وجلّ (وقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ) البقرة: 223، قيل: النكاح معطوف به الإتيان، وهو أحد الوجوه الثلاثة: لما فيه من فضل الاغتسال من الجنابة، ولما فيه من فضل مباشرة المرأة وأنّ المرأة إذا لاعبها بعلها وقبلها كثرت له من الحسنات ما شاء الله، فإذا اغتسلا خلق الله من كل قطرة ملكًا يسبح الله تعالى إلى يوم القيامة، وجعل ثواب ذلك لهما، ولما في ذلك من التحصين لهما ووضع النطفة في محلها، وفي ذلك فضائل جمّة، وقد أمر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكراً، زوجة مؤمنة تعينه على آخرته.
والوجه الثاني في قوله تعالى: (وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ) البقرة: 223، قيل: الولد قدموا لآخرتكم، لأنه عمل من أعمالكم، كما قال عزّ وجلّ: (أَلحقْنا بِهِمْ ذُريَّتَهُمْ وما أَلتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ) الطور: 21، أي ما نقصناهم أولادهم، أي جازيناهم بهم وجعلناهم مزيدًا في حسناتهم لأنهم من أعمالهم وأكسابهم، وكما قال عزّ وجلّ: (ما أغْنى عنْهُ مَالُهُ وما كسَبَ) المسد: 2، يعني ولده، ففي تدبره أنّ الولد يغني المؤمن في الآخرة كما يغني المال عنه إذا أنفقه في سبيل الله تعالى، وفي الخبر: ولد الرجل من كسبه فأحل ما أكل من كسب ولده، والوجه الثالث في قوله عزّ وجلّ: (وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ) البقرة: 223، قيل التسمية عند الجماع أي اذكروا اسم الله تعالى عنده، فذلك تقدمة لكم، وأنه يستحب للمجامع أنْ يسمي الله عزّ وجلّ عند جماعه، ويقرأ (قل: هو الله أحد) الإخلاص: 1 قبله، وكان بعض أصحاب الحديث إذا أراد الجماع، هَلّل وكبر حتى يسمع أهل الدار تكبيره، وإذا كانت المرأة معينة لزوجها على الطاعة، طالبة للتقلل والقناعة فهي نعمة من الله عليه يطالبه بشكرها قال الله عزّ وجلّ: (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) الأنبياء: 90 فعد ذلك من نعمة الله عليه وإحسانه إليه، وقيل في التفسير: كان خلقها سيّئًا فحسن، وقيل: كان في لسانها طول فقصر،