أخوك أو صديقك؟ فقال إنما أحب أخي إذا كان صديقاً، وكان الحسن يقول: كم من أخ لك لم تلده أمك، ولذلك قيل: القرابة تحتاج إلى مودة، والمودة لا تحتاج إلى قرابة، وفي حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما شتم القوم الرجل الذي أتى فاحشة فقال: مه وزبرهم لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم، وفي أثر عن بعض العلماء في مثل زلات الإخوان، قال: ودّ الشيطان أنْ يلقي على أخيكم مثل هذا حتى تقطعوه وتهجروه، فماذا بغيتم من محبة عدوّكم؟ وقد كان أبو الدرداء يقول: إذا تغير أخوك وحال عمّا كان، فلا تدعه لأجل ذلك، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى، وكان يقول: داوِ أخاك ولا تطع فيه حاسداً، فتكون مثله وقال الحسن: أي الرجال المهذب وقال إبراهيم النخعي: لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب، فإنه يركبه اليوم ويتركه غداً، وقال أيضاً: لا تحدثوا الناس بزلة العالم، فإن العالم يزل الزلة ثم يتركها، وفي الخبر: اتّقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته، وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء الغيب، وقال سعيد بن المسيب إني لأكره أنْ أفرق بين المتألفين وقال مرة بين المتحابين.
وفي حديث عمر، وقد سأل عن أخ كان آخاه فخرج إلى الشام فسأل عنه بعض من قدم عليه، فقال: ذاك أخو الشيطان قال: مه قال: إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر فقال: إذا أردت الخروج فأذني قال: فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم، حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافر الذنب وقابل التوب الآية، ثم عاتبه تحت ذلك وعذله، فلما قرأ الكتاب قال: صدق الله ونصح لي عمر قال: فتاب ورجع، ومن أفضل فضيلة الحب في الله تعالى أنه جعل علماً لوجود الإيمان، وقرن بحب الله تعالى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الخبر: لا يؤمن عبدي حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ثم جاء مثله: لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لله عزّ وجلّ، فمن مقتضى الحب في الله تعالى ما ذكرناه آنفاً من التزاور والتباذل والتصافي لله عزّ وجلّ، وفي حديث عبادة بن الصمامت وقال موسى بن عقبة: كنت ألقى الأخ من إخواني مرّة فأقيم عاقلاً بلقائه أياماً، وقال جعفر بن سليمان: كمن إذا وجدت في نفسي فترة، نظرت، إلى محمد بن واسع، فأعمل على ذلك جمعة، وكان محمد بن واسع يقول: ما بقي في الدنيا شيء ألذه إلاّ ثلاث: الصلاة في جماعة، والتهجد من الليل، ولقاء الإخوان، وكان بعضهم يقول: لقاء الإخوان مسلاة للهمّ ومذهبة للأحزان، وكان الحسن وأبو قلابة يقولان: إخواننا أحب إلينا من أهلينا وأولادنا، لأن أهلينا يذكرونا الدنيا وأخواننا يذكرونا الآخرة، وقال أحدهما: لأن الأهل والولد من الدنيا والإخوان في الله عزّ وجلّ من آلة الآخرة، وقيل لسفيان بن عيينة: أي الأشياء ألذّ فقال: مجالسة الإخوان والانقلاب إلى