عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي رويناها عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر رضي الله عنه: عليك بإخوان الصدق تعش في أكمافهم، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يحبك ما يغلبك منه، واعتزل عدوك واحذر صديقك من القوم إلاّ الأمين، ولا أمين إلاّ من خشي الله عزّ وجلّ، ولا تصحب الفاجر فتعلم فجوره، ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تبارك وتعالى، وحدثونا عن إبراهيم بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن أكثم قال: حدثت المأمون أمير المؤمنين فقلت له: حدثني سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن أبجر قال: لما حضرت علقمة العطاردي الوفاة دعا بابنه فقال: يا بني، إنْ عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك، وإنْ قعدت بك مؤونة مانك، اصحب من إذا مددت يدك بخير مدّها، وإنْ رأى منك حسنة عدّها، وإنْ رأى منك سيئّة سدّها، اصحب من إذا سألته أعطاك، وإنْ سكت ابتداك، وإنْ نزلت بك نازلة واساك، اصحب من إذا قلت صدق قولك، وإذا حاولت أمراً أمرك، وإنْ تنازعتما آثرك، قال ابن أكثم: فقال المأمون: وأين هذا؟، وقيل للأحنف بن قيس: أي إخوانك أحبّ إليك فقال: من يسد خللي، ويستر زللي، ويقبل عللي، وحدثونا عن الأصمعي قال: حدثنا العلاء بن جرير عن أبيه قال: قال الأحنف: من حقّ الصديق أنْ يحتمل له ثلاث: أنْ يجاوز عن ظلم الغضب وظلم الهفوة وظلم الدالة، وقال: الإخاء جوهرة رقيقة، فهي ما لم توق عليها وتحرسها كانت معرضة للآفات، فارض الإخاء بالذلة حتى تصل إلى فوقه، وبالكظم حتى تعتذر إلى مَنْ ظلمك، وبالرضا حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير، ويقال: مَنْ لم يظلم نفسه للناس ويتظالم لهم ويتغافل عنهم، لم يسلم منهم، وكان أسماء بن خارجة الفزاري يقول: ما سئمت أحداً قط لأنه إنما يسأمني أحد رجلين: كريم كانت منه زلة وهفوة، فأنا أحق من غفرها وآخذ عليها بالفضل فيها، أو لئيم فلم أكن أجعل عرضي له غرضاً ثم تمثل شعراً:
واغفر عوراء الكريم اصطناعه ... وأعرض عن ذات اللئيم تكرما
وأنشدونا لمحمد بن عامر في الإخوان شعراً:
فلا تعجل على أحد بظلم ... فإن الظلم مرتعه وخيم
ولا تفحش وإن ملئت غيظاً ... على أحد فإن الفحش لوم
ولا تقطع أخاً لك عند ذنب ... فإن الذنب يغفره الكريم
ولكن داو عورته برقع ... كما قد يرقع الخلق القديم
ولا تجزع لريب الدهر واصبر ... فإن الصبر في العقبى سليم
وأنشدونا في معناه عن أحمد بن يحيى بن ثعلب، قال: أنشدني عبد الله بن شبيب: