قال: إلهي قليت الخلق من أجلك، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا داود كن يقظان مرتاداً لنفسك إخواناً، فكل خذن لا يوافقك على مسرّتي فلا تصحبه، فإنه لك عدو ويقسي قلبك ويباعدك مني، وقد روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كونوا مؤلفين ولا تكونوا منفرين، وفي الحديث: إنّ أحبكم إلى الله عزّ وجلّ الذين يألفون ويؤلفون، وإنّ أبغضكم إلى الله عزّ وجلّ المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الإخوان، وفي أخبار داود صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: يا ربّ كيف لي أنْ يحبني الناس كلهم وأسلم فيما بيني وبينك، قال: خالق الناس بأخلاقهم وأحسن فيما بيني وبينك، وفي بعضها: خالق أهل الدنيا بأخلاق الدنيا، وخالق أهل الآخرة بأخلاق الآخرة، قال الشعبي عن صعصعة بن صوجان أنه قال لابن أخيه زيد: أنا كنت أحبّ إلى أبيك منك، وأنت أحبّ إليّ من ابني، خصلتان أوصيك بهما فاحفظهما: خالص المؤمن مخالصة وخالق الفاجر مخالقة، فإن الفاجر يرضى منك بالخلق الحسن وأنه لحق عليك أنْ تخالص المؤمن، وقد قال أبو الدرداء قبله: إنّا لنشكر في وجوه أقوام وإنّ قلوبنا لتلعنهم، فمعنى هذا على الثقة والمداراة ليدفع بذلك شره وأذاه، كما جاء في تفسير قوله تعالى: (إدْفَعْ بالتي هِيَ أَحْسَنُ) فصلت: 34، قيل السلام: (فَإذَا الَّذي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداَوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ) فصلت: 34 وكان ابن عباس يقول في معنى قوله عزّ وجلّ: (وَيَدْرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) الرعد: 22، قال: يدفعون الفحش والأذى وهو السيّئة بالسلام، والمداراة وهو الحسنة، وقد كان أفضل الحسنات إكرام الجلساء، ومنه قوله عزّ وجلّ: (وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) البقرة: 251، قيل بالرغبة والرهبة والحياء والمداراة، وكذلك معنى قولهم: خالص المؤمن وخالق الفاجر فالمخالصة بالقلوب من المودة واعتقاد المؤاخاة في الله عزّ وجلّ، والمخالفة المخالطة في المعاملة والمبايعة، وعند اللقاء، وكذلك جاء مفسراً: خالطوا الناس بأعمالهم وزايلوهم في القلوب، وقد قال محمد بن الحنفية بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدّاً، حتى يجعل الله عزّ وجلّ له منه فرجاً، فمعاملة غير تقي ومكالمته من أحوال الإضطرار، ومعاشرة التقي ومصافاته من حسن الاختيار.
وفي أخبار موسى عليه السلام فيما أوحى الله عزّ وجلّ إليه، إنْ أطعتني فما أكثر إخوانك من المؤمنين، المعنى: إنْ واسيت الناس وأشفقت عليهم وسلم قلبك لهم ولم تحسدهم، كثر إخوانك، ويقال إنّ أحد الأخوين في الله عزّ وجلّ إذا مات قبل صاحبه.
وقيل له: ادخل الجنة سأل عن منزل أخيه، فإن كان دونه لم يدخل الجنة حتى يعطي أخوه مثل منازله، قال: ولا يزال يسأل له من كذا وكذا، فيقال إنه لم يكن يعمل مثل عملك